باسم محمد حبيببتقديري المتواضع لم يكن للوضع في سوريا أن يغدو بهذه الخطورة لولا التدخل الإقليمي الذي أخذ ينحو منحى سلبيا من خلال الطرق على الوتر الطائفي والدفع باتجاه خلق أزمة بنيوية في النسيج السوري المتنوع طائفيا وعرقيا .فقد كان للمشهد السوري أن يأخذ مسارا مشابها للمشهدين التونسي والمصري فيما لو تعاملت دول الجوار بشكل إيجابي مع الانتفاضة السورية التي بدأت بشكل تظاهرات سلمية ومطالب عادلة ومشروعة.
وكان بإمكان هذه الانتفاضة الوصول إلى مطالبها فيما لو مضت في سلميتها وحازت تعاطف المجتمع الدولي والقوى المحبة للسلام والداعمة للديمقراطية في العالم .لكن الأمور لم تجر بالشكل الذي يخدم الانتفاضة بعد التدخل السلبي لبعض القوى الإقليمية التي أدخلت القضية السورية ضمن حالة الاستقطاب الطائفي في المنطقة وأخذ كل طرف من هذه الأطراف يؤجج الوضع في سوريا بالشكل الذي يخدم مصالحه دون أي حساب لما سوف تجره هذه السياسة على الوضع الداخلي في سوريا .وبدلا من أن تسارع دول المنطقة للبحث عن مخارج مناسبة للازمة السورية وتفتح أذرعها لطاولات الحوار التي تجمع الحكومة ومعارضيها دأبت هذه الدول على حشر أنفها بشكل غير مسؤول دافعة بعقدها وتناقضاتها إلى الساحة السورية المبتلاة بالعنف فلو أخذنا العراق كمثال سنجد أن الانقسام الطائفي في العراق كان قد أدلى بدلوه في الأزمة السورية حيث نقل الطرفان السني والشيعي معركتهما إلى الساحة السورية تحت ذريعة الانتصار للمذهب أو الطائفة ونفس الشيء بالنسبة لأطراف إقليمية أخرى كانت سياستها تهدف إلى تأجيج الملف الطائفي لدفع أجندتها فيه .إن الخاسر الأكبر من هذا التدخل الإقليمي غير المسؤول هو الشعب السوري الذي بات على شفا محرقة كبيرة لا يمكن لأحد أن يتنبأ بمدياتها ونتائجها ،وبالتأكيد فإن الانتفاضة السورية ستكون خاسرة أيضا إذا ما فقدت بوصلة الاتجاه نحو أهدافها المشروعة ودخلت في نفق الحسابات المخطوءة وغير المناسبة . وليس ببعيد أن تؤدي أحداث سوريا إلى نشوب حرب أهلية على شاكلة الحرب الأهلية اللبنانية ربما تستمر طويلا ناهيك عن تفتت سوريا وتحولها إلى دويلات طائفية متقاتلة تستدر المساعدة والدعم من الخارج.وما لم تبتعد دول الإقليم عن التدخل في الشأن السوري ومن الدفع باتجاه استقطابات متماشية مع سياساتها فإن سوريا ستبقى تعيش تحت ظلال الخطر ولن يكون بالإمكان التنبؤ بما سوف يحصل في قادم الأيام.
ارفعوا بلاءكم عن سوريا
نشر في: 21 فبراير, 2012: 08:06 م