TOP

جريدة المدى > سينما > منهـــج خطــــر.. ديفيد كروننبرغ عن فرويد، يونغ والهستيريا الذكورية

منهـــج خطــــر.. ديفيد كروننبرغ عن فرويد، يونغ والهستيريا الذكورية

نشر في: 22 فبراير, 2012: 07:17 م

عباس المفرجي ((هؤلاء المحللون النفسيون يكلفون الكثير!)) تعلّق واحدة من شخصيات وودي الن في "الثأر"، ((في أيامنا، مقابل خمس ماركات كان يعالجك ويجسّ نبضك فرويد نفسه)) فيلم ديفيد كوننبرغ مقتبس من مسرحية كريستوفر هامبتون "العلاج الناطق"، حول فرويد، يونغ ومريضتهما المشتركة، التي تصبح في ما بعد زميلة مهنة، سابينا سبيلراين. إنه تذكير مسلٍ بأن الغريزة الجنسية كان لها يوم رابط سيكولوجي حميمي بالفقر.
هذا فيلم ممتاز، موزون، وثرثار؛ حتى مغامرته الجنسية تعرَض بتجرّد كلينيكي [تحليلي]، وثمة اتجاه مضحك لكوميديا سوداء. كروننبرغ غالبا ما يكون مرتبطا برعب الجسد، لكن في هذا الفيلم، الأقرب الى هذا النوع هو إلتواءات وجه كيرا نايتلي، وهي تلعب دور سابينا سبيلراين في قمة اضطرابها الذهني؛ الشابة الروسية التي تجلَب محمولة، وهي ترفس وتصرخ، إلى العيادة السويسرية لكارل غوستاف يونغ، الذي يلعب دوره مايكل فاسبندر بطريقة الاكليركي المتشامخ. حين تطلق صرخات ذعر وألم وتعوي، يتدلى فك سابينا إلى الأسفل بطريقة مخيفة، أشبه بفم كائن ريدلي سكون الفضائي عندما يخرج من بطن جون هارت.تتقاطع حياة سبيلراين ويونغ مع حياة الأستاذ العظيم فرويد، الذي يؤدي دوره فيغو مورتنسن. يستثار يونغ الطموح بفكرة تطبيق طريقة فرويد الجديدة في "العلاج الناطق" على سابينا، بكونه أول محلل نفسي سيقوم بها على الإطلاق، إذ أن فرويد، كما فعل داروين قبله، لم يكن يرغب بنشر أفكاره على الملأ. لكن كروننبرغ يرينا أن هناك توترات شبه أوديبية بين الرجلين: احدهما ثري راض عن نفسه، وتمتلك زوجته ثروة، والآخر يهودي، يعيل عائلة كبيرة تسكن في شقة صغيرة ؛ حياته أكثر صعوبة ويرى في الآخر الأصغر منه سناً شخصا مغرورا وساذجا. فرويد يصر على أن الجنس هو القاعدة الرئيسية ؛ يونغ لديه أفكار مغايرة، منها اهتمامات غريبة الأطوار وشاذة في الظواهر النفسية والتخاطر. لكن الأمر لا يستغرقه طويلا في تشخيص الكبت الجنسي في حالة سابينا، الناجم عن الضرب الذي تتعرض إليه في طفولتها، والذي يؤدي إلى رغبات مازوشية في الكِبر. يجد يونغ نفسه عاجزا عن مقاومة حب سابينا، ويعملان على قضيتهما المشتركة خلال جلسات علاج نشيطة. كان هذا قبل أن يسمع أحدا عن "قضايا الحد الفاصل"، أو "الاتصال غير الملائم"."التحوّل" هو ما يصف به الفرويديون التوجه الجديد للمشاعر تجاه المعالج، وثمة نمط مثلث غريب بين سابينا وفرويد ويونغ، تكون فيه العلاقة العاطفية الثلاثية فعّالة أكثر من العلاقة بين يونغ وسابينا وزوجته. يونغ مايكل فاسبندر، صعب الإرضاء ودقيق، لا يهتم كثيرا جدا بالجنس مع سابينا، بل يتوقع صنع اسم لنفسه واخذ مكان الأستاذ. فرويد فيغو مورتنسن، لطيف ومتسامح ومبهم.أبدع كروننبرغ دراما عن الهستيريا الذكورية من دون الاهتمام بتشخيص حالتهما الخاصة بهما ــ ربما كانت مسيرتاهما المهنية عَرَضا متواصلا، معقدا. ما الذي دفع يونغ الى أن يجعل سابينا مساعدة له، إن لم يكن يرغب بفرض نفسه جنسيا عليها؟ يتيح لنا المخرج تأمل بواعث فرويد بتوجيه يونغ الى مريض معين: الفوضوي أوتو غروس (فنسنت كاسل)، رجل تحث شهوانيته، التي لا سبيل إلى إصلاحها، يونغ على إغواء سابينا. مَن يقوم بفعل الإغواء هنا؟ ألا يمكن أن فرويد وجد وسيلة لإجبار يونغ على الاعتراف بأولية الجنس؟ أو حتى إنه يحاول أن يدبر فضيحة في زواج يونغ، ويدمّر حياة شاب صفيق يطالب بعرشه؟مع بعض الكبح، لا يلعب كروننبرغ وهامبتون على وتر التوريات الألمانية، المعرّضة لكثير من النقاش، في ثلاثة أسماء رئيسة: هذا يعني، اسم فرويد الذي يقابل معنى الفرح [في اللغة الألمانية]، ويونغ الذي يقابل كلمة شاب، وسبيلراين الذي يقابل أما "اللعب بنقاء" (سبيل- راين)، أو "اللعب في الداخل"، أو حتى "اللعب في داخلي" (سبيل- هيراين). هذا ممكن، لأن فرح فرويد يظهر في عرْض قصير. هو رجل في خريف العمر، وعليه أن يوفق بين هذا وواقع أن أفكاره، التي ما زالت في مهدها، وُضِعت كي يرثها شاب هو غير راض عنه أبدا.سابينا كيرا نايتلي، امرأة مخدوعة إلى حد بعيد، مقنِعة ومغرية بشدة، حين تسلب لب يونغ بنظريات إهتياجية عن الإبداع مبنية على فاغنر، والتي تؤمن بأنه فقط من خلال شرّ عظيم أو انقلاب تدميري يمكن لشيء جديد وديناميكي أن يولد. كانت خاضعة لصدمة كهربائية بكونها أُتخذت عشيقة ليونغ، ومن ثم كتلميذة له على نحو فعلي. من الممكن أن أفكارها الخاصة بها، ومهنتها كمحللة نفسية، ستبعَث من رماد علاقة يونغ مع فرويد.((أنت تنظر نحو المستقبل))، يقول يونغ لفرويد، وهما يحدقان في الأفق الباهت غير الواقعي لمدينة نيويورك من على سطح السفينة البخارية التي جاءت بهما من البلد القديم. لكن ذلك هو ما كانا عليه هما نفسيهما، هذان النيّقان، المفكران المتنافسان، اللذان كانت أفكارهما شكلا لأشياء قادمة ؛ اللذان جعلا من نفسيهما موضوع فضول للمستقبل الذي صاغ حاضرنا.عن: صحيفة الغارديان

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

قتل مفرزة إرهابية بضربة جوية بين حدود صلاح الدين وكركوك

الامم المتحدة: إخراج سكان غزة من أرضهم تطهير عرقي

الطيران العراقي يقصف أهدافا لداعش قرب داقوق في كركوك

"إسرائيل" تستعد لإطلاق سراح عناصر من حزب الله مقابل تحرير مختطفة في العراق

حالة جوية ممطرة في طريقها إلى العراق

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية
سينما

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

متابعة المدىوديفيد كيث لينش صانع أفلام وفنان تشكيلي وموسيقي وممثل أمريكي. نال استحسانًا لأفلامه، والتي غالبًا ما تتميز بصفاتها السريالية الشبيهة بالأحلام. في مسيرة مهنية امتدت لأكثر من خمسين عامًا، حصل على العديد من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram