TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > هل نحن بحاجة لخميني جديد؟

هل نحن بحاجة لخميني جديد؟

نشر في: 24 فبراير, 2012: 07:42 م

طالب عبد العزيزحتى زمن قريب كنت أعتقد بأن إيران مصدر الشر العراقي،بل هي المُصدِّر الرئيس لكل ما هو متخلف وفاسد في الجسد والفكر، وحين زرتها عابرا منها لكوالالامبور حاولت جادا أن أقارن بين ما تقوم به المؤسسة المدنية والعسكرية الإيرانية وبين ما يقوم به الساسة العراقيون(أحزابا وتنظيمات ودعاة دين ..)فلم أر وجهاً للمقارنة،وكلما صعدتُ الجبال العالية ،شمالي طهران أدركت أنّ الدين والطائفة الشيعية شيء والمدنية والتطور بل وإيران شيء آخر،ومن حركة وحيوية وثياب المرأة في الشارع والسوق أدركتُ كم تظلم الجارة (المسلمة) هذه.
   قبل ليلة العاشوراء الأخيرة جاءني ابني الصغير مرعوبا يقول: (بابا رأيتُ موكبا حسينيا (للتطبير)أغلب السائرين فيه من الصغار،الذين بعمري، حليقي الرؤوس وبأيديهم سيوف،ومكفنين بالأبيض مروا أمام منزلنا،لم يشجّ رؤوسهم بعد ،يقولون بأن إيرانيا سيأتي صباح الغد يضربهم الضربة الأولى التي تسيل الدم،لأنه العارف الوحيد بينهم بذلك،قلت له : لا تخرج بني حتى ينقضي موسم التطبير،أخاف عليك من مرأى الدم،مثلما أخافه أنا على نفسي،وقد نيّفتُ على الخمسين.بل أشعرُ بأن كل طبل يُقرع هو صدى لدماء تسيل،لماذا نسجّل تأريخنا بالدم فيما يسجل الناس تواريخهم بالورود والثياب النظيفة .  ولكي أخلد لنفسي بعيدا عن الطبول رحت أقرأ في مذكرات الكاتب النمساوي1881-1942 ستيفان تسفايج (عالم الأمس)فيأتي بالحديث على تشكيل الأحزاب السياسية في فيينا قبل نحو من 90 سنة فترِدُ أسماءُ مثل (حزب زهرة القرنفل الحمراء)،و(زهرة القرنفل البيضاء)، ثم (زهرة القنطرون الزرقاء)،وأن أعضاء الأحزاب تلك يعلقون في ثقوب أزرار بدلاتهم الأنيقة الورودَ تلك،فأتذكر برنامج إيران النووي وفائض إنتاجها من الطاقة الكهربائية،ومحاولاتها في سبر أغوار الفضاء الخارجي ومقدرتها على ضرب أوروبا وأمريكا وإسرائيل وأحصي عدد البضائع الإيرانية التي في سوقنا بالعراق فلا أقع على عدد بعينه،ثم أتذكر أسبوع الفيلم الإيراني الذي شاهدته قبل خمس سنوات بمهرجان الحبوبي بالناصرية وأعرّج على الشاعر والمخرج السينمائي عباس كيا رستمي فأقرؤه،كذلك فعلت مع الشاعرة الكبيرة فروغ فرح زاد ومع السينمائيين مجيد مجيدي وأسرة مخلباف وأتصفح عددا جديدا من مجلة (شيراز) التي يرأس تحريرها المبدع موسى بيدج.. حتى صرخت: (إيران منتج كبير للحضارة،ولا يمكن أن تكون إيران مصدرنا للسوء،الساسة لدينا مستوردون للنفايات الإيرانية .)  الوجع الرافديني قديم وكذلك الحزنُ الشيعي العراقي على الحسين قديم،والبكاء على الواقعة المروّعة التي هزت الضمير الإنساني قديم أيضا،لكن المشكلة أننا لم نحاول اجتراح آلية جديدة، حضارية، متمدنة لتقديم المأساة هذه، بما ينسجم مع روح العصر والمدنية،والغريب أنها تُترك هكذا، دونما توجيه من أحد ،إذ من غير المعقول تكرار مشهد الدم هذا إلى ما لا نهاية،ولعلها مسؤولية رجال الدين والخطباء اليوم،وإذا كان هذا التعبير هو الوحيد عن الحب والتضحية والمواساة ألا يمكن أن يكون في فضاء معزول؟خال من الأطفال والنساء،ولِمَ لا تكون الصحراء الكبيرة التي تحيط بكربلاء ميدانا لذلك؟ولماذا يرفع المطبّرون سيوفهم عالية أمام الكاميرات؟ أسئلة قد لا تتعلق أجوبتها بالحب والتضحية !  ينقل كثيرون عن الزعيم الروحي لإيران (الخميني) أنه أحضر حافلات كثيرة لنقل المطبّرين إلى الصحراء،خارج طهران وقم، حين استأذنوه بالخروج داخل المدينة يوم العاشوراء،من أحد السنين،لكنهم رفضوا،كانوا يريدون لدمائهم أن تُرى وسط المارة،أمام النساء والأطفال ،كم نحن بحاجة لسيد خميني شجاع اليوم؟  نحن ننتج من حيث تعلم مؤسساتُنا أو لا تعلم جيلا شرسا ،متصلبا ،مأزوما،قاسيا،لا حُرمة للدم لديه،جيلاً يرى في مشهدِ الدمِ المُراق المثالَ الوحيد في الحياة،ولو أنَّ شرطتنا المحلية فتشت جيوب الشباب المتجولين في أحد أسواقنا الشعبية بالبصرة، مثلا لعثرت لديهم على مئات السكاكين والمُدى الجارحة والقاتلة،مصداقا لما نقول ونحذر. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram