اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > حياة شارع:النهر حكايات ذهب وفضّة وغزل يشتهي الزغاريد

حياة شارع:النهر حكايات ذهب وفضّة وغزل يشتهي الزغاريد

نشر في: 26 فبراير, 2012: 07:56 م

 بغداد/ يوسف المحمداوي.. عدسة/ محمود رؤوفلكل شارع حياة عاشها، تميزه عن الشوارع الأخرى بنكهة خاصة وتاريخ يروي حكايات العقود التي مر بها وينشد للناس أغاني الأجيال الماضية ، محال تجارية ، قصص العرائس ترويها المحكمة التي أبرمت عقود الزواج ، الصاغة .. الروافون ، صانعو الأحذية والحقائب ..
 كل شيء في شارع النهر يمد لك يدا من ماض مترف لم يعد موجودا ، غادرنا إلى سجل الذكريات ، فما أجمل ماضينا وما أتعس حاضرنا ، والقلق ديدننا حين نفكر بمستقبلنا المجهول . لا ادري ، ولكن تولدت لدي قناعة بأن الشاعر مالك المطلبي في قصيدته ( حركة للشارع .. حركة للنهر ) كان يقصد شارع النهر بالتحديد حين يقول: " للشارع ، كالنهر .. أسراره .. فيه القاع والموج والموت .. وهما يجريان .. وهما ينبعان .. ويصبان في دورة واحدة .. يمشيان معاً لعشر دقائق ، كتفا إلى كتف .. يودع النهر فيه : البرودة .. الزمن ، الصرخات التي كتمت .. وهو يحمل للنهر شيئا من العشق والخمر " لا ادري عله ظن ليس إلا .rnبين جسرين دخلنا شارع النهر من جهة الجنوب متجهين صوب شماله ، فالشارع يقع بين جسرين ، هما جسرا الشهداء والأحرار .محال لبيع الملابس بالجملة، علما أن الشارع كان لبيع المفرد .. وكان يعج بالنساء والعشاق ، وله دور معروف بالعديد من الزيجات، حتى سمي بشارع العرائس، لأن شراء جميع مستلزمات العرس من محاله التجارية ، فالملابس أو ما يسمى بالنيشان هو من هناك ، وكذلك الحلي الذهبية أو الفضية أيضاً منه ، يقول محمد مجيد صاحب محل كماليات، النهر كان يسمى أيضا بشارع الفرح، لأنه يعج بالعشاق او ما يسمون (بالعشقية) ، مضيفا أن الزغاريد التي يطلقها أهل العرسان في المحكمة أو عند شراء الذهب كانت عنوانا للشارع ، وكانت الأغاني تصدح من المحال مثل "نيشان الخطوبة اليوم جابولي ، ومحبس من ذهب وكلادة صاغولي" ، وما أجملها يقول محمد حين كانت تغنى بصوت المطربة لميعة توفيق، ويضيف أن الأهازيج البغدادية كانت تردد أيضا بعد انتهاء مراسيم العقد مثل " شايف خير ومستاهلها " وغيرها من الأهازيج البغدادية المعروفة ، وأحيانا يجلب أهل العريس فرقاً موسيقية تقوم بالعزف بعد انتهاء عقد القران في المحكمة .شارع الذهب.. ذهب في أول دخولك للشارع تشدك حتما محال الذهب وما أكثرها بمسمياتها الجميلة وبضاعتها التي اختفت عنها العرائس بسبب اختفاء ظاهرة البيع بالمفرد، وتخصصت تلك المحال ببيع الجملة .. مثل مجوهرات الزهراء، المبارك الملوك، الياقوت، ملاك .. وغيرها ، دخلنا أحد المحال المتخصصة ببيع الأحجار الكريمة، حيث يقول صاحب محل فيروز حميد لطيف: إن الأحجار التي عليها طلب هي الفيروز والزاركون ، والعقيق والفيروز الهندي واللؤلؤ ، مضيفا أن سعر البيع 750 ديناراً للغرام الواحد ، وهو يبيع بالجملة ، ويقول أن اغلب الزبائن هم من المحافظات ، وعن مناشئ تلك الأحجار بيّن حميد ان المنشأ الآن هو من الهند وتايلند ، ويرى أن الحركة الآن غير مشجعة  ولا يمكن مقارنتها بأيام زمان ، حيث كان يعج بالنساء الجميلات ومن عوائل بغدادية معروفة.صائغ السلاطين والملوك يسمى بالأصفر لزحمة محال الذهب ، وتجد واجهات المحال تزهو بالقلائد والأساور والأقراط . وذكر أقدم صاحب محل لصياغة الفضة في الشارع أن المكان غابت عنه النساء في الوقت الحالي ، في زمن كان فيه هو عين المرأة العراقية على القفزات التي تمر بها الموضة في العالم ، لكونه يزدحم بمحال لأحدث موديلات الملابس والإكسسوارات والمصوغات الذهبية والفضية ، وكذلك أرقى أنواع العطور والماكياج ، ويضيف حسام سبتي زهرون الذي جلسنا في محله البالغ من العمر مئة عام: أنا ورثت المحل أباً عن جد ، وكان جدي الصائغ المعروف زهرون عمارة - لكونه ينحدر من مدينة العمارة - يلقب بصائغ الملك ، وقد قام بصياغة الناركيلة الخاصة بالسلطان عبد الحميد ، وعندما كان العراق مستعمرا من القوات البريطانية ، كلفته الحكومة آنذاك بصياغة علبة سيكار لرئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل ، وهي محفوظة الآن في المتحف البريطاني من ضمن مقتنيات تشرشل ، وقد نقش جدي صورته على الوجه الأول وهو رافعا يده ويرتدي قبعته، وفي الوجه الثاني نقش صورة المدمرة البريطانية فكتوريا ، ويضيف حسام أن تشرشل بعث بكتاب شكر إلى جدي لإعجابه بالعلبة .زهرون ملك النقش يقول حفيد زهرون إن الكثير من هدايا المملكة العراقية السابقة من حلي وتحف فضية إلى المملكة البريطانية سواء لملكها أو رؤساء حكوماتها كان جدي هو من يقوم بصياغتها، وفي عام 1922 أرسل له الملك أدور كتاب شكر ، وأثناء الاحتلال البريطاني للعراق زاره الجنرال مود في محله هذا، وقد أعطى لجدي شهرة في سائر بلدان العالم، وهذا ما دفع الحكومة الفرنسية آنذاك الى دعوته لفرنسا ، والمشاركة في معرض باريس للصياغة عام 1932 ، وما تزال إلى الآن أعماله محفوظة في متحف اللوفر ، ويؤكد أن العديد من مقتنياته التي كانت لدى الشخصيات الفرنسية ، هي من مقتنيات المتحف ، وبيّن أن الحكومة الفرنسية آنذاك حاولت إغراءه في البقاء هناك ، لكنه رفض ذلك وعاد إلى الوطن ، وكذلك عمل العديد من الأعمال لشخصيات بولونية ، وفي أيام الحصار عمل والدي أس

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram