بابل/ إقبال محمد منذ أكثر من مائة عام عمر العراق وهي برأيي أخصب فترة تاريخية شهدت التناحر والتناقض ما بين الصعود إلى الهرم والسقوط في الهاوية،سياسيا واجتماعيا ودينيا وثقافيا واقتصاديا.. هذه المرجعيات تصب مباشرة في العقل المسرحي العراقي (الآن) وتتخذ من المشهد العراقي العام الوجه المنعكس مسرحياً هذا ما أكده د. محمد حسين حبيب مخرج وناقد مسرحي عراقي، أستاذ مساعد في قسم المسرح كلية الفنون الجميلة/ جامعة بابل، صاحب نظرية المسرح الرقمي العراقية خلال لقاء المدى معه:
* أولا ما رأيك بالمسرح العراقي عامة.. والمسرح البابلي خاصة؟rn- امتلاك الخزين الانتاجي والمعرفي الريادي لمسرحنا العراقي لا يختلف عليه اثنان.. وما أرساه الأوائل من الرواد منذ خمسينات القرن الماضي الذي بقي أثره الى يومنا هذا لا يختلف عليه اثنان أيضا.. لكن المسرح شأنه شأن المجالات الوطنية والإنسانية الكبرى يتعرض لمطبات وتحولات أسوة بالتحول المحلي أو العربي أو العالمي.. وهذه التعرضات تكون كبيرة ومؤثرة في المسرح، لان المسرح يرتبط مباشرة بالإنسان لا غيره، ولان جل التحولات والأحداث الكبيرة تؤثر بالإنسان مباشرة سلبا أم ايجابا، لذا كان المسرح اقرب المتأثرين والمؤثرين على مر الفترات الزمنية العراقية منذ أكثر من مائة عام عمر العراق وهي برأيي أخصب فترة تاريخية شهدت التناحر والتناقض ما بين الصعود إلى الهرم والسقوط في الهاوية، سياسيا واجتماعيا ودينيا وثقافيا واقتصاديا.. هذه المرجعيات تصب مباشرة في العقل المسرحي العراقي (الآن) وتتخذ من المشهد العراقي العام الوجه المنعكس مسرحيا، الأمر الذي يجعل من واقع المسرح العراقي بشكل عام مقارنة بالمشهد العربي واقعا متميزا وفاعلا برغم كل (مفترقات الطرق) و(الالتواءات المؤقتة) التي نؤشرها بشكل يومي، والمملوءة بالحرقة والألم لكن الصورة ما زالت زاهية وبهية... أما المسرح البابلي في مدينة الحلة أو نسميه أحيانا (الحلي) هو جزء لا يتجزأ من هذه الصورة المسرحية العراقية الزاهية والبهية حيث المهرجانات المسرحية والأماسي الثقافية والملتقيات والندوات المسرحية التي ازدادت في السنوات الأخيرة، حالها حال المشهد المسرحي العراقي في محافظات أخرى: كالبصرة وذي قار وميسان والنجف وكربلاء والديوانية ونينوى.. والتي صبغت بالاستمرارية والتواصل سنويا منذ 2003 والى الآن، وبرغم محدودية الدعم المادي، إلا أننا نتلمس كل هذا الانتماء الطموح الحقيقي الذي يتسابق من اجل الحياة العراقية والإنسان العراقي الحالي والمستقبلي. * ما أسباب عدم الاهتمام بالمسرح البابلي؟- الأسباب دائما مرهونة بالوعي المؤسساتي لأصحاب القرار.. هذا الوعي بأهمية المسرح والثقافة في الحياة إذا ما أصابه الارتباك وعدم الثقة أو تعرض هذا الوعي إلى خطابات واهية ازدواجية فحتما ستكون النتائج كارثية علينا وعلى مسرحنا الحلي أو البابلي.. هو سبب رئيس لا أكثر اذا ما تجاوزناه أو تجاوزه صاحب القرار في مؤسسة ثقافية أو مسرحية او أكاديمية معلنا عن إيمانه وثقته بالفن المسرحي كونه فناً من اجل الحياة والإنسانية.. فلا خوف حينها على واقع مسرحنا.. بل ستندحر كل الأسباب الأخرى إذا ما اندحر هذا السبب الرئيس مولياً. * وهل اهتمت الحكومة المحلية بالمسرح ووفرت له مستلزمات عمله من مسارح ومستلزمات أخرى؟- برغم تعدد الحكومات المحلية بتعددية أصحاب القرار بأسمائهم منذ 2003 والى الآن، لم نزل متأخرين جدا بالاهتمام المسرحي ولم تسع كل هذه الأسماء التي تمثل حكومتنا المحلية المحترمة إلى توفير ما يمكن توفيره من مستلزمات مسرحية تقنية حتى وان كانت متواضعة جدا.. فلا وجود لقاعة مسرحية بابلية حلية خاصة بالمسرح، وما متوفر من قاعات نوظفها نحن بالإكراه لعروضنا المسرحية، إلا أنها لا تصلح سوى لقاعات اجتماعات وندوات فقط.. عندما نقول هذه قاعة عروض مسرحية ذلك يعني أنها تحتوي على محتويات وبنايات مجاورة وغرف وممرات وحدائق وكراج ومستلزمات تقنية حديثة ضوئية وصوتية.. يعني من المعيب جدا أننا في الألفية الثالثة من القرن الحادي والعشرين و(ستارة المسرح) نجرها بالحبل يدوياً، هذه كارثة ذوقية وأخلاقية وثقافية، وأمثلة أخرى مؤلمة ومعيبة ينبغي تجاوزها (الآن فورا).. وان تخصص (الآن فورا) الميزانية المطلوبة لبناء قاعة مسرح بل بناية مسرحية عملاقة تمثل حضارتنا البابلية وترتقي بثقافة وفنون وعلوم مدينة الحلة المشهورة بأبنائها من الفنانين والمثقفين والعلماء، ممن يتصدرون اليوم المشهد المسرحي العراقي بل العربي حتى... إذا ما أرادت حكومتنا المحلية فعلا أن تبرهن أنها مهتمة بالإنسان الحلي وبمدينة الحلة، فيجب أن تشيد بناية مسرحية كبيرة دليلا على اهتمامها هذا. وعن المسرح الرقمي قال حبيب: إن المسرح الرقمي هو نظرية مسرحية بدأت بالعمل عليها منذ عام 2004 أي بعد الانفتاح الرقمي لنا كعراقيين وإتاحة الفرصة لنا والحرية الكافية للتعامل مع شبكة الانترنت العنكبوتية العالمية والإفادة منها علميا بالقدر الممكن برأيي لا للهو والدردشة كما يظنه الكثيرون مع الأسف.. فاكتشفت الإفادة الكبيرة لعدد من العلوم والفنون من هذه الرقمية الحاسوبية المتصلة بشبكة الانترنت وتوظيفها في هذه المجالات العلمية والفنية والأدبية الشعرية والروائية والسينمائية والتشكيلية والإعلامية حتى.. فقلت مع نفسي حينها: أين المسرح من كل ذلك؟ إلا يمكن توظيف هذه الرقمية الحاسوبية للفن ال
د. محمد حسين حبيب: لا وجود لقاعة مسرحية بابلية
نشر في: 27 فبراير, 2012: 07:11 م