علي حسيناعتقد أن العراقيين نساء ورجالا يستحقون الجنة، لسبب أساسي، لأنهم يتعرضون للكذب والنفاق والخديعة كل يوم وعلى مدى سنوات طويلة، ولم ينقرضوا، ولم يصبهم الجنون أو الاكتئاب. أقول هذا الكلام وأنا اقرأ أن حكومتنا الرشيدة تضغط باتجاه إصدار قرار من مجلس النواب يتيح لها إطفاء مبلغ 50 مليار دولار صرفت بدون ضوابط ولا شروط، سيقول البعض مادام هناك مال سائب ستجد اللصوص يحومون حوله.
أصبحنا نقرأ ونسمع عن وزراء فاسدين وظفوا موازنة وزاراتهم لمنافعهم الشخصية، وغادروا من غير أن يتركوا منجزا واحدا يذكر الناس بما يجري. ممارسة السرقة أصبحت أمرا طبيعيا مادام المسؤول لا يحاسب، وأقصى ما يتعرض له الإقالة مع حفظ حقوقه التقاعدية وما يترتب عليها من امتيازات، وزراء ومسؤولون سرقوا من مال البلد أكثر من ميزانيات دول الجوار مجتمعة وغادروا من غير أن يقتص منهم، فما الذي يمنع الآخرين من انتهاج هذا الطريق، واكل الفاسدون من اموال الناس ما لم تأكله شعوب إفريقيا مجتمعة، لأول مرة في تاريخ النظم السياسية نجد ساسة يغادرون البلد حال فشلهم في الحصول على منصب جديد، فما الذي يبقيهم وأموالهم وقصورهم ومشاريعهم في الخارج؟!. كم هي بسيطة هموم العراقيين أن يعرفوا مثلا، أين اختفت الـ50 مليار دولار، وليس في العراق كهرباء ولا ماء صالح للشرب ولا ضمان اجتماعي وصحي ولا شوارع نظيفة، بعد تسعة أعوام من غياب الدكتاتور تبحث الناس عن دولة غير محكومة بالفساد، العراقي اليوم ينتحب ويكتئب حزنا على ضياع الحلم بأيدي مجموعة من السياسيين محدودي الأفق ومتواضعي القدرة، همهم الوحيد استمرار حالة الاحتقان الطائفي لأنها في النهاية تصب ملايين ومليارات من الدولارات في أرصدتهم الخاصة، سياسيون تأمروا على البلد ومارسوا النهب المنظم لكل شيء. المواطن يسأل لماذا تصر الحكومة ومقربوها على الاقتراض بالآجل ونحن نملك كل هذه المليارات؟ لماذا تحول العراق من دولة تسعى للتنمية والرفاهية الاجتماعية إلى دولة فقيرة يحكمها لصوص؟ لماذا أصبحنا دولة يعيش نصف مواطنيها تحت خط الفقر في الوقت الذي ينافس فيه سياسيونا على قوائم أغنياء العالم؟ هل يعرف السيد المالكي كيف يعيش الفقراء ؟ هل قدّم مشروعات سياسية تعبر بالبلاد من حافة البؤس ام انه اكتفى بإلقاء البيانات والخطب الحماسية.ماذا فعلت عجلة الحكومة غير إنتاج الفقر للمواطنين والثروات السهلة للسياسيين ومقربيهم؟لم يعد أحد يسأل لماذا أصبح الفساد جزءا من لحم الدولة وشرايينها، لم يعد احد يسأل من أين جاء نائب بكل الأموال التي تتيح له أن يرسل أبناءه لمتابعة كل مباريات برشلونة وريال مدريد، لا يوجد اليوم من يسأل السياسيين كيف تضخمت ثرواتكم؟ كانت مشكلة بعض مدعي السياسة العثور على سكن مناسب وإذا بهم اليوم بعد دخول الحكومة والبرلمان يملكون القصور والشقق في لبنان ودبي ولندن.المواطن يسأل؛ لماذا سادت أعراف دولة الفساد التي حولت العراق من بلد غني إلى بلد يدير ثرواته موظفون ومسؤولون يعتبرون المال العام جزءا من ثرواتهم الشخصية. الناس تريد أن تعرف أين صرفت هذه المليارات الخمسون في الوقت الذي ينام أهالي البصرة وصلاح الدين والأنبار والحلة والنجف والموصل وبغداد والسماوة وديالى وميسان بلا كهرباء ولا خدمات. الناس تريد ان تعرف أين صرفت الـ 50 مليار دولار إذا كان المالكي لا يملك مبلغا ماليا بسيطا يستطيع أن يكافئ به رياضيا عراقيا كما اخبرنا المقرب والمحب جدا من الحكومة سعد المطلبي.
العمود الثامن: عندما يكون المسؤول لصاً!!

نشر في: 27 فبراير, 2012: 11:04 م