TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > المصير المشترك للثورات العربية

المصير المشترك للثورات العربية

نشر في: 3 مارس, 2012: 08:50 م

أوس عزالدين المانع هناك سؤال مهم يلحّ على من يشهد الثورات العربية التي تجاوزت الحدود الجغرافية والاختلافات التفصيلية في كل بيئة عربية تختلف عن البيئة الأخرى ، مع أن الجامع الرئيسي بينها يذكر بما كان ينادي به رواد القومية العربية ومن تابعهم من الشراكة في الأرض والموروث والمصير المشترك .
وهنا لابد من التركيز على المصير المشترك الذي قد يكون عامل توحيد مهما وأساسيا في الفعل واتجاهه ، لكنه لم يعبّر أبدا عن شراكة في المصير تتجه إلى الوحدة بين الدول العربية ، وبصورة أدق بين الشعوب العربية ، والتي باتت تتحسس حاجاتها ويتأثر بعضها بالبعض الآخر ، ولكنها لم تفقد لدى كل شعب خصوصيتها الوطنية ، جغرافية كانت أو اقتصادية أو ثقافية ، مع سيادة القصد السياسي في حدود التفكير المحلي لها وخصوصيته .إذن ، ما الذي وحّد الجهود الشعبية في اتساع رقعة الثورات الشعبية في أكثر من بلد عربي ؟ وهناك ثمة إجابات جاهزة وأخرى تأخذ بنظر الاعتبار تحليل هذه الظاهرة ومحاولة إيجاد أسباب لها ، وقد تتلاقى محاولات الإجابة عليها ، ولكنها على الأقل تحاول الإحاطة بهذه الظاهرة وتوقيتها ، ومن ذلك ما حلله أحد الباحثين في دراسته (( 2011 عام الغضب العربي وثورات الشباب )) بثلاث نقاط رئيسية ، أولها ، الأوضاع العربية الداخلية وسوء الإدارة والتخلف والفساد الإداري والبطالة والقهر والاستبداد وسوء توزيع الثروات وغياب الديمقراطية ، وتقدم القيادات العربية في السن ، والتي لم تترك دورا للشباب في بناء وطنها على أسس حضارية وإنسانية معاصرة ، وثانيها ، عوامل الإحباط القومي وما أصاب الأمة من وهن وضعف وتجزئة ، وتغليب المصلحة القطرية على مصلحة الأمة العربية العليا في أمنها واستقرارها العسكري والمائي والغذائي والاجتماعي ، وتقديم التنازلات المجانية للغرب عموما على حساب الحقوق العربية من أجل البقاء في السلطة لأطول مدة ممكنة ، والسعي لتوريثها للأبناء والأحفاد من دون مراعاة الحق والكرامة وتقرير المصير ، وبناء مجتمع عربي تقدمي معاصر تراعى فيه مبادئ الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير وحقوق الإنسان ،وأخيرا ، تطور وسائل الاتصالات وثورة المعلومات ، التي وفرت للشباب العربي فرصة الاطلاع على ثقافات أخرى وتبادل للمعلومات والحوار واللقاء والتفاهم بواسطة المواقع الاجتماعية المختلفة لشبكة الإنترنيت ، حيث تجمعهم آمال وثقافة ولغة واحدة ومشتركة .وإذ تشير النقطة الأولى إلى حال المفارقة بين ما يجب أن تكون عليه السلطة وما صارت إليه من انحرافات من جهة ، والمفارقة بين عمر السلطة ورؤيتها وعمر الشباب وفئاته المختلفة واتجاه تفكيرهم ، لأنهم من الشباب ، وعدم تلبية طموحاتهم من جهة أخرى ، فإنها إشارة تتعلق بخصوصية محلية يندرج ضمنها سعي كل شعب في حدود ما يعبر عن قضاياه المختلفة ، ولكن إذا كانت المعادلة لقيام الثورة تقوم على قاعدة حداثة عمر الشباب وشيخوخة حكامها ونظمها ، متحققة في ثورات تونس ومصر وليبيا والبحرين واليمن ، فكيف الأمر في سوريا إذا ما استبعدنا من المعادلة عمر النظام واتجاهه ، لا عمر النظام الحاكم على الرغم من محاولات إصلاحه .أما النقطة الثانية ، التي لا تتفق مع النقطة الأولى في اتساع أثرها القومي (( العربي )) ومغادرة المشاكل (( المحلية – الوطنية )) فإن الإحباط القومي للأمة يعاني  ضعفا وتجزئة وتغليبا لنظرتها الضيقة على مصلحة الأمة العربية الواسعة في الأمن العسكري والمائي والغذائي والاجتماعي ، فضلا عن إرادتها السياسية ، وتقديم التنازلات المجانية للغرب المؤثرة من دون مراعاة الحقوق العربية لضمان بقاء طويل في السلطة وصولا إلى توريثها ، فإن هذا العامل يتصدع في بعض التجارب ، والتي أخذت تتجه إلى المجتمع الغربي لتسهيل التخلص من الأنظمة الاستبدادية من دون اللجوء إلى القوى العربية ، التي تخلت عن دورها والتي وضعت تحت دائرة التخويف منها ، وقلما التقت الإرادة العربية والغربية في التغيير إلا في التجربة الليبية ، مع ما أفرزته من ويلات .وفي حين تخصصت النقطتان الأولى والثانية بالأسباب التي مثلت عوامل التحفيز للفعل الثوري ، فقد كانت النقطة الثالثة متخصصة بالأدوات التي شجعت على تفعيل بوادر الثورة وتسريعها ، وحتى هذا السبب أو العامل لم يكن بعيدا عن التوجيه في إدخاله سلاحا لا يمكن للسلطة أن تمسك به بسهولة أو تسيطر على تسريباته وقدرته على نقل المعلومة التي تحرك الجماهير وتحفزهم على الفعل الثوري وتشجعهم على المضي به إلى أقصى حد .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram