اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > (البلامة) مهنة تنتعش مع الزحام وسيطرات النهر تعيق عملها

(البلامة) مهنة تنتعش مع الزحام وسيطرات النهر تعيق عملها

نشر في: 4 مارس, 2012: 07:20 م

 كتابة وتصوير/ فرات إبراهيم(المعيبر) مهنة تقاذفتها السنون وأحالتها في زمننا الحاضر إلى ظروف البلد الأمنية، فحينما يكثر وجود سيطرات القوى الأمنية وقطع الجسور، تنطبق مقولة (مصائب قوم عند قوم فوائد) حيث تنتعش مهنتهم وتزداد الحاجة الى المعيبر أو البلام ليقوم بنقل الناس من ضفة إلى أخرى.
ولكن ما ان ينتهي وقت الإنذار وتعود الأمور الى طبيعتها ، تجد الكساد يرافق حال البلامة فتصبح بلامهم مقاهي شاطئية للتسامر والحديث، وكوننا لا نريد الغوص في البلم الذي تناولته الكثير من الأفلام والمرئيات فإننا في موضوعنا هذا حاورنا المتبقين من أصحاب هذه المهنة الموشكة على الانقراض لنكشف عن ذكرياتهم ولواعجهم فهم وان ذوت خدماتهم، علينا أن نعيلهم ونستفيد من خبراتهم وحكاياتهم..rnشيخ البلامة يستذكرقلة من العاملين في هذه المهنة بقوا على قيد الحياة ، وإذا ما وجدنا احدهم فانه يرى في الكلام مضيعة للوقت لأنهم وبرأيهم لم تعد الصحافة أو الفضائيات لها كلمة مسموعة عند المسؤولين ويبررون قولهم هذا بان الكثير من المحطات الفضائية والصحف التقت بهم لكن لا حل لكل ما يعانونه. ربما يكون البعض محقا في قوله إلا أننا حاولنا التوضيح بان الصحافة الصادقة وظيفتها نقل الواقع كما هو دون تزييف أو محاباة لهذا المسؤول أو ذاك، وينقطع دورها فقط بعد طرح المعلومة فهي ليست معنية بإيجاد الحلول ولكنها معنية باقتراح الحلول.ويبدو أن شيخ البلامة تفهم قولي هذا، لطفي محمود آخر البلامة المهمين ، وجدته مشغولا بدهان بلمه بالبوية حينما حدثته عن أمر مهمتي لم يعطني أذنا صاغية، وحين استفسرت من الآخرين عن سبب وضعه وان كان يعاني من حالة مرضية، أكد لي الجميع انه بصحة جيدة لكنه تعب من كثرة الحوارات الصحفية والتلفزيونية التي يجدها لم تأت بنفع لمهنتهم ، حينها قررت أن استمع إليه فقط عن ذكرياته دون أن ابرز جهاز التسجيل واختزلت كلامه في ذاكرتي المتعبة من هموم الناس يقول : إن العبرة في أن يتجه الناس إلى (المعيبر)  أو البلام قديمة في بغداد. حركة الملاحة وتأثيرهاوقد كان هناك جسر خشب واحد وكان هذا الجسر كثير الانقطاع بسبب قدوم المراكب التي تحمل بضاعة من المحافظات الجنوبية او الشمالية، فيلجأ الناس إلى البلامة لعبور النهر وانه كانت حركة الملاحة قوية بسبب عدم وجود سيارات النقل الضخمة حيث كانت ( الزنوبة) تجر مراكب تصل حمولتها إلى 400 طن وكانت سريعة  وتصل إلى البصرة في سبع ساعات حتى تصل إلى جسر الكوت الذي أنشأه الانكليز عام 1939، فيتم تحوير الجسر ليتساوى فيه الماء من الضفتين فيسمح بعبور (الزنوبة) ويؤكد حجي لطيف انه لم يبق من أصحاب هذه المهنة القدامى سواه وان المراكب الحالية او (البلامة) لا يتجاوز عددها 30 بلماً.أما عن اهم المواقف التي واجهها في حياته المهنية فيقول بأنه ذات يوم نقل بمركبه أماً وابنها الشاب الى الضفة الأخرى ولكن في منتصف الطريق اهتاج هذا الشاب ورمى نفسه في النهر لكي يسبح وحاول هو ورفقاؤه إنقاذه لكنه غرق وفارق الحياة. ويؤكد بأنه صائد سمك لكن دجلة اليوم شحت ولم تعد مليئة بالأسماك، وأصبحت المياه ناقصة وهذا ما جعله يلجأ إلى مهنة البلام، سألته باني لا اعرف السباحة ومع هذا فأنا معك في هذا (البلم)، واشعر بالخوف من أن ينقلب فضحك وقال  الصعود إلى البلم يحتاج الى قلب قوي وان نهر دجلة في بغداد غير مخيف لكن في شط العرب في البصرة من حقك أن تخاف لأنه كبير وأمواجه تتغلب على هذا البلم، ويتذكر لطفي أسماء أشهر البلامة في ذلك الوقت ومنهم البلام حسين عبود، حيث كان نجارا يقوم بصناعة القوارب، ومحمود بن عباس، وشكر ومحمود وأبو صبيح وعبود.rnأخلاقيات المهنةوعرس النهرلكل مهنة أخلاقها وتقاليدها ولا يجوز لأي شخص أن يتغاضى أو يتنكر للقيم والتقاليد السائدة هذا ما أكده احد البلامة ويدعى أبو شكر،  ويشير إلى انه كانت في السابق أخلاقيات للمهنة، وعدم التجاوز على حقوق الآخرين، وان أصحاب تلك المهنة كانوا متفقين على تقاليد معينة،  حيث لم يكن يسمح لأي شخص غريب بأن يدخل معهم في هذه المهنة دون أن يكون له أصل وفصل ويضمنه احد البلامة بسبب أن هذا الشخص قد يكون غير محترم، ويتصرف تصرفات طائشة مع العوائل والناس الذين يقوم بنقلهم إلى الضفة الأخرى من النهر. ويؤكد أبو شكر وهو رجل تجاوز عمره العقد السادس ان تلك الأيام كانت جميلة وحميمة ويذكر انه مع البلامة الآخرين قاموا ذات مرة بإيصال موكب العروس الى الضفة الأخرى لكن بعد أن عملوا لهم زفة جميلة قي مراكب البلامة، حيث كانت الموسيقى والزغاريد البغدادية حاضرة، ما جعل الناس يتجمهرون على الضفتين لمشاهدة هذا العرس الجميل ..الشعراء ودجلة الخالدتغنى به الشعراء الكبار من العراق والعرب وأنشدت له حناجر المطربين أحلى الأغاني، فهل يستطيع المرء نسيان تغزل شاعر العرب الكبير الجواهري، حينما قال في قصيدته ذائعة الصيت (حييتُ سفحكِ عن بعدٍ فحَييني .. يا دجلة الخير ، يا أمَّ البســاتينِ). كما قال فيه أمير الشعراء الشاعر الكبير "أحمد شوقي" في قصيدةٍِ رائعة لهُ: يا شراعاً وراءَ دِجلةَ يَجري في دموعي تجنَبتكَ العَـوادي وهو تعبير دقيق عن هيبةِ ذ

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram