وديع غزوان بغض النظر عن نتائج التحقيق التي لابد من أن تكشف لاحقاً عن ملابسات قتل طالب من مدينة السليمانية في مدرسة ميديا الأميركية أستاذه بإطلاق ثلاث عيارات نارية أردته قتيلاً في الحال وانتحاره بعد ذلك ، نقول بغض النظر عن ذلك فإن الحادث سابقة خطيرة تحتاج إلى تحليل متأن للوصول إلى الدوافع الحقيقية لهذه الجريمة المروعة وما يمكن أن يتعرض له الشباب من ضغوطات نفسية قد تجرهم لارتكاب أفعال خطيرة كالتي قام بها الطالب ،
ومن ثم الوصول إلى أفضل الطرق للتعامل مع هذه الشريحة بما يتناسب وطاقاتها وتوجيهها بما يخدم المجتمع .وبالعودة إلى الأخبار والتقارير التي تناولت الحدث يتضح أن الطالب من عائلة "ارستقراطية معروفة وميسورة جداً ووالده طبيب وأمه مهندسة وتربى بدلال " أي أنه لم يعان كثيراً في الجانب المادي البحت ، كما أن المتحدث باسم مديرية شرطة السليمانية نفى أن يكون وراء الحادث دوافع سياسية أو دينية . طلاب وأساتذة من نفس المدرسة ذكروا أن علاقة الأستاذ المغدور بطلابه جيدة وانه متميز في عمله ..إذاً ما الذي دفع الطالب ليتصرف بهذا الشكل المشين ليودي بحياة أستاذه ويوجه مسدسه بعد ذلك إلى رأسه ليدفع باختياره ثمن جريمته ؟ وما هي طبيعة المشادة التي جعلته يشهر مسدسه بهذا الشكل ؟ وكيف تسمح المدرسة بحمل الطلاب السلاح داخلها ؟ وهل حقاً أن السبب عاطفي ؟وما علاقة الأستاذ بذلك ؟ قد تحدث مثل هكذا قضايا في عدد من الدول المتقدمة ،حيث نسمع بين فترة وأخرى عن حوادث يصل بعضها إلى استهداف مجموعة طلاب أو تدريسيين ، لكن في مجتمع حريص على التقاليد والقيم كالمجتمع الكردستاني ، يكون حدوث مثل هذا الأمر غريباً ويحتاج إلى تقصي وبحث دقيق . لا نريد أن نحمّل الحدث بأكثر ما يستحق أو نضخّمه فهو في كل الأحوال يبقى حادثاً فردياً لا يصح عده مؤشراً لانعدام الأمن الذي يتمتع به الجميع في إقليم كردستان ، لكننا أيضا لا ينبغي أن نمر عليه مرور الكرام . ومع تقديرنا وتفهمنا قلق اتحاد معلمي كردستان من انعكاس هذا الحادث سلبياً على المراكز والمؤسسات التعليمية الدولية العاملة في كردستان ،إذ أشارت في بيانها إلى أن "هذه الجريمة النكراء وجهت ضربة قوية لعملية التحديث التربوي " مشيرة إلى جهود قيادة الإقليم في تحديث أساليب وبرامج التربية والتعليم ، ودعوتها الحكومة إلى بذل جهودها لحماية المدرسين والمعلمين وأساتذة الجامعات الذين تركوا أوطانهم ونذروا حياتهم لخدمة الأجيال القادمة بكردستان " ، فإننا نعتقد أن الموضوع يحتاج إلى أكثر من حماية معلمين ومدرسين والى أكثر من قرار متأخر لحكومة الإقليم بوقف إعطاء تراخيص حمل السلاح ومنع إدخال أي نوع من الأسلحة إلى المدارس والجامعات والدوائر والمؤسسات ،كونه يرتبط بشريحة مهمة اختلطت الأمور على بعضها في ظل ثورة المعلوماتية والتطورات العالمية الكبيرة التي نجحت القيادة الكردستانية في الاستفادة منها لخدمة الإقليم . الجريمة التي حدثت فردية لكنها إنذار يدعونا إلى الانفتاح أكثر على الشباب ومعرفة ما يشغلهم من دون وصاية وأساليب قسرية .
كردستانيات : جريمة نعم.. لكنها إنذار!
نشر في: 4 مارس, 2012: 09:08 م