TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > الــــــــــــدارة

الــــــــــــدارة

نشر في: 5 مارس, 2012: 08:26 م

د. خالد السلطاني * ما زلت اعتقد بأن كل ممارسة تصميم "دارة" سكنية،  تحمل في طياتها هواجس معمارية مستقبلية. أنها ممارسة، كما قلت عنها، مرة، كناية عن "مختبر" لأفكار تصميمية قيد البحث، يراد لمصداقيتها إن تمتحن، كما يراد لقيمها ان تختبر. وهي ما انفكت تعد من الممارسات المرغوبة من قبل كثير من المعماريين.
 ذلك لأنهم "يرون" فيها تجسيدا لأحلامهم التصميمية: الطليعية والتجديدية، تلك الأحلام  المنفذة واقعياً، والمشغولة فعلياً من قبل مستخدميها، حتى ولو كان ذلك الإشغال على نطاق ضيق، حتى ولو كان مقتصراً على "أرباب" البيوت ذاتها وضيوفهم!. ومعلوم، إن غالبية المعماريين العالميين المشهورين تعاطوا مع  هذه الممارسة بجدّ وتوق حقيقيين؛ آملين أن يكون المنتج المعماري لهذه الموضوعة بمنزلة "مانفيستو" لأفكار تصميمية لاحقة. من هنا، تكمن الأهمية البالغة لما أنتج عالمياً في هذا المقام. لنتذكر بعض الأمثلة (ولو، اقتصارا، على أمثلة مستلة من فضاء عمارة الحداثة وما بعدها): بيت روبي (1909) للمعمار فرنك لويد رايت، ودارة شرويدر (1924) للمعمار ريتفيلد، ودارة ميلنيكوف (1927) للمعمار قسطنطين ميلنيكوف، وفيلا سافوي (1931) للمعمار لو كوربوزيه، وبيت الشلال (1936) للمعمار رايت، وبيت كوفمان (1940) للمعمار ريجارد نويترا، والبيت الزجاجي (1946) للمعمار فيليب جونسون، وبيت فارنسويرث (1951) للمعمار ميس فان دير روّ، وبيت سيرت (1957) للمعمار خوسيه لويس سيرت، وبيت فانا فنتوري (1964) للمعمار روبرت فنتوري، والبيت السادس (1972) للمعمار بيتر ايزنمان، ودارة غيري (1978) للمعمار فرنك غيري، ودارة موسكو - بارفيخا (2006)، للمعمارة زهاء حديد، فضلا على الأمثلة الإقليمية في هذا المجال، مثل فيلا أم كلثوم (1935) للمعمار علي لبيب جبر، ومنزل مراد غالب (1971)، للمعمار حسن فتحي، ودارة نبيل الصراف (1995) للمعمار جعفر طوقان. أما محلياً فتعد البيوت السكنية المصممة من قبل بعض المعماريين العراقيين اثراءً لهذه الممارسة، وبالتالي ترسيخاً للتجديد والتجريب في الخطاب المعماري المحلي. إن بيوت ودارات مثل دارة في الوزيرية (1954) للمعمار جعفر علاوي، ودارة المنصور (1955) للمعمار قحطان المدفعي، ودارة حسين جميل بالمسبح (1955) للمعمار عبد الله إحسان كامل،  ودار يعسوب رفيق بالمنصور (1965) للمعمار رفعة الجادرجي، ودارة عوني بالوزيرية والتي أزيلت مؤخراً،مع الأسف (1968) للمعمار قحطان عوني، ودارة خالد القصاب (1970) للمعمارة الين جودت الابوبي، ودارة الحسني في المنصور (1971) للمعمار مهدي الحسني، ودارة عائلة منير بالصليخ (1972) للمعمار هشام منير، ودارة عبد المجيد بالجادرية (1974) للمعمار ياسر حكمت عبد المجيد، ودارة خورشيد في المهندسين (1980) للمعمار هيثم خورشيد، ودارة الآلوسي بالكريعات (1985) للمعمار معاذ الآلوسي، ودارة القيسي في الكفاءات (1992)، للمعمار ساهر القيسي؛ وغير ذلك من الدارات والبيوت السكنية التي حفظتها ذاكرة العمارة الحديثة بالعراق، والتي بفضلها تم إحراز خطوات هامة وجديدة في المنتج المعماري المحلي. في الفترة الأخيرة، استمر ظهور مشاريع متفردة عديدة لبيوت سكنية، مصممة من قبل معماريين عالميين في مناطق جغرافية متنوعة. ومعظم تلك المشاريع حرصت من خلال حلولها التكوينية على تأكيد موضوعة اختبار التجديد، والتأكيد من صدقية وعمل وواقعية تلك الأفكار. سأتناول، في هذا المقال، مثالا معاصرا، وجدت في فكرة تصاميمه، أمرا جديدا ومميزاً. ووددت أن أشرك القراء متعة التلاقي مع هذا الإبداع، ومتابعة تدفق رؤى التجديد وغير المألوف و.. المتخيل الذي ينثال انثيالا من تكوينات هذا المشروع الاستثنائي والمعبر في آن. والمثال المعني هو، "دارة في مونتيري" Monterrey بالمكسيك، المصممة من قبل "تاداو آندو" (1941) Tadao Ando، المعمار الياباني المعروف، ذي الحضور المميز والواضح في المشهد المعماري العالمي؛ هو الذي اٌعتبر دوماً من قبل النقاد المعماريين احد أهم مروجي تيار "الاختزالية" المعمارية Minimalism، بل وأحد ممثلي هذا التيار المبدعين. ورغم إن حديثنا، الآن، مقتصر على "دارة مونتيري"، المصممة من قبله؛ فلا بأس، هنا، من قول كلمة مقتضبة عن تلك المقاربة التصميمية المولع بها معمارنا الياباني. فـ "الاختزالية" او "المينيمالزم"، مفهوم نقدي فني، بدأ تداوله في الستينات، في نقد أعمال تنسب الى مجال الفنون التشكيلية. لكنه تمثل معمارياً في أواخر الثمانينات. وهو كمقاربة تصميمية، معنية (وهذا واضح من الاسم)، في اختزال ملحوظ للعناصر التزيينية والمضافة؛ أو لكل ما يعيق ظهور وتجلي جوهر الأشياء، والتي هي مآل مصممي "الاختزالية" وهدفهم. انه معني في النظر بعمق إلى الأبعاد الروحية، غير المرئية، عبر الإصغاء برهافة الى حوار الطبيعة مع المنشأ. والتركيز على القيمة التجريدية لخواص المواد والتفاصيل والأمكنة والطبيعة. ولهذا يولي المعماريون الاختزاليون أهمية خاصة للضياء الطبيعي، والهواء الطلق والسماء المفتوحة في تصاميمهم، مع ا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram