ميعاد الطائي بعد أن منحها الدستور الجديد نسبة تمثيل عالية وصلت إلى 25% هل تمكنت المرأة العراقية من إنهاء حقبة طويلة من التهميش والإقصاء عن المشاركة في اتخاذ القرار السياسي ؟ يمكننا الإجابة على هذا السؤال من خلال قراءة متأنية لواقع المرأة العراقية ودورها في المؤسسة التشريعية والتنفيذية بعد أن دخلت بقوة على مستوى التمثيل حيث تجلس اليوم 83 نائبة
من النساء تحت قبة البرلمان ليشكلن اكبر كتلة نسوية في المنطقة العربية والإسلامية على الإطلاق .ومن خلال هذه القراءة يمكن ملاحظة حقيقة مهمة وهي غياب التأثير الحقيقي للمرأة عن المشهد السياسي وعن اتخاذ القرارات المهمة بضمنها القرارات المتعلقة بحياتها وقضاياها الخاصة بالرغم من نسبة التمثيل العالية وبالرغم من تواجد المرأة في الكابينة الحكومية كوزيرة ومدير عام ومناصب كثيرة لم تكن كفيلة بإخراج المرأة من وصاية الرجل في مجتمع مازال لا يؤمن بقيادة المرأة له ومازال يعاني من ثقافة العيب الاجتماعي والحرام الديني تجاه ظهور المرأة كقائدة ،لذلك نجد أن مجتمعا كهذا لا يؤمن بصورة عامة ورجاله بصورة خاصة بقدرات المرأة على ممارسة دورها في قيادة المجتمع والمشكلة أن هذه القناعة مترسخة لدى البعض من النساء اللواتي يرفضن الخروج من وصاية الرجل والتبعية له باستثناء عدد قليل من النساء اللواتي نجحن في العمل السياسي على مدى السنوات الماضية من عمر التجربة الديمقراطية في العراق .وهنا لابد من الإشارة إلى الأسباب التي ساهمت في ضعف الأداء للمرأة العراقية في المؤسسات الحكومية بالرغم من كثافة التمثيل حيث تبرز أمامنا أسباب كثيرة أهمها الآليات الديمقراطية الخاطئة التي ساهمت في إيصال النساء إلى البرلمان عبر نظام القائمة المغلقة في الدورة الانتخابية الأولى وعبر القائمة المفتوحة في الدورة الانتخابية الثانية والتي صاحبتها آليات غريبة ساهمت في وصول نساء ورجال لم يحصلوا على ما يؤهلهم لأن يكونوا ممثلين عن الشعب ولم يصلوا إلى الرصيد الكافي من الأصوات المطلوبة إلا أن تلك الآليات الانتخابية الخاطئة ساعدتهم على الفوز ففشلوا في مهمتهم ولم يكونوا سوى تكملة عدد وديكور يجلس على مقاعد مخصصة لمن يدافع عن حقوق المواطن .هذه الحقيقة جعلت من تلك النساء النائبات مجرد تابعات للأحزاب والكتل السياسية التي كانت سببا في وصولهن إلى البرلمان لتبقى تلك النسوة يدرن في فلك الأحزاب والقوائم بعيدا عن أداء دورهن الأساسي وهو المطالبة بحقوق المرأة بصورة خاصة وحقوق المواطن بصورة عامة .ما نريد أن نقوله هنا أن المرأة العراقية قد عانت الكثير وتحملت أخطاء الحكام ،فالتضحيات التي قدمتها المرأة كانت كبيرة حيث كانت الخاسر الأكبر من ظلم وطغيان النظام الشمولي البعثي لأنها دفعت الثمن مرتين , مرة عندما فقدت الأب والأخ والابن عبر الحروب الطويلة ومرة أخرى عندما حضر الإرهاب المتطرف الذي عمق جراحها عبر استهدافه النساء والرجال معا ليقتل ويخطف ويهجر الناس لتصبح المرأة أمام ظروف صعبة وهي تفقد المعيل ليزيد بذلك عدد الأرامل والأيتام ولتمر المرأة بمرحلة صعبة للغاية .وهي تنظر اليوم بعين الترقب والأمل صوب النسبة الكبيرة من التمثيل النسوي في الحكومة والمؤسسة التشريعية وتنتظر أن تنصفها المرأة قبل الرجل في اتخاذ القرارات التي ممكن أن تساهم في معالجة المشاكل المزمنة التي تعانيها المرأة العراقية التي تشير الإحصائيات غير الرسمية بان بغداد أصبحت اكبر مدينة للأرامل وان ملايين الأرامل العراقيات أصبحن بلا معيل وبانتظار التشريعات التي يمكن أن تساعدهن على مواصلة الحياة ومواجهة الظروف الصعبة التي تواجههن بالإضافة إلى ضرورة تشريع القوانين الكفيلة بالحفاظ على حقوق المرأة وحمايتها من العنف الذي تتعرض له على مستوى الأسرة والمجتمع بصورة عامة .إلا أن ذلك يبدو بعيد المنال وعلى المرأة أن تنتظر الدورة الانتخابية القادمة ربما تحمل لنا نظاما انتخابيا مغايرا وممثلات جديرات بتمثيلنا لاسيما بعد حملات تثقيفية يقوم بها الإعلام ومنظمات المجتمع المدني باتجاه توعية الناخب والمرشح على حد سواء لكي تستفيد النساء من نسبة التمثيل العالية التي منحهن إياها الدستور العراقي .
المــــرأة العـــراقية ونســـبة التمثيل
نشر في: 5 مارس, 2012: 09:15 م