أحمد عبد الحسين أمس قال النائب الحالي والوزير السابق الأستاذ باقر جبر الزبيدي كلاماً ملؤه الصراحة التي تدمي القلوب، قال ان العراق أنفق على الكهرباء منذ التغيير وحتى اليوم أكثر من ثمانين مليار دولار. شكراً للأستاذ الزبيدي الذي عوّدنا على صراحته، لكنْ رغم ضخامة المبلغ فإنّ السيّد رافع العيساوي الذي خلف الزبيدي في وزارة المالية
يشير إلى أن المبلغ أكبر من ذلك فهو يقول أن الثمانين مليار دولار هي قيمة ما أُنفق على الكهرباء من قبل المواطنين العراقيين فقط، أما الحكومة فقد أنفقتْ ثمانية وعشرين مليار دولار، فيكون بذلك مجموع ما أنفقه العراق شعباً وحكومة على كهربائنا 128 مليار دولار.بهذا المبلغ الذي ذهب هباء كان يمكن للعراق أن يشتري أكبر شركات الطاقة في العالم، لأنه مبلغ يمكن أن ينير الكرة الأرضية بأكملها، كان يمكن لنا أن نجعل من صحراء السماوة مقراً لبضع شركاتٍ عالمية نملكها نحن ونصدّر للشرق كله كهرباءنا.لا يكفي أن يقال ان هناك سوء إدارة وانتهى الأمر، وزيرا المالية "السابق واللاحق" يعرفان أكثر منا جميعاً ان المسألة أعمق وأخطر من كونها سوء إدارة، كان هناك فرهود منظم في وزارة الكهرباء "كما في وزارات أخرى"، وقد طفتْ على السطح مراراً روائح النهب في هذه الوزارة لكنْ كان هناك على الدوام من يطمطم ويلفلف، لأنّ الفضيحة ستسيء إلى سمعة الحزب الفلاني، ولأنّ بعض المليارات من الدولارات لا تستحقّ أن يشوّه من أجلها وجه الحزب الناصع البياض. ثم ان هذه الأموال سيدخل قسم كبير منها إلى ميزانية حزبنا الذي هو في حرب دائمة ضد مناوئيه الكثر الذين يمتلكون وزارات أخرى هي عبارة عن دكاكين تدرّ عليهم المليارات وفيها أشخاص حزبيون لم يعملوا شيئاً منذ 2003 وإلى اليوم سوى الفرهود.تجري في العراق الآن أكبر عملية فرهدة في تأريخ الإنسانية منذ أن فرهد الإنسان لحم الثور الذي كان يدخره أخوه في الكهف، أكبر سرقة حدثتْ على الأرض، أضخم عملية نهبٍ في الكون كله منذ الانفجار الكونيّ الكبير، لمن يؤمنون به، ومنذ أن هبط أبونا آدم حزيناً إلى الأرض لمن يؤمن بكتب السماء.أنا على يقينٍ الآن أن جدال الملائكة مع خالقهم حين قالوا له "أتجعل فيها من يفسد فيها .." كان ناظراً إلى قدرة الإنسان على أن يكون وحشاً أمام المال، وخير من يمثل هذه الوحشية كانوا سياسيين عراقيين للأسف، لأنهم ارتكبوا الفساد الأكبر على وجه البسيطة، الفساد الذي كانتْ تخشاه ملائكة الرحمن الذين "لا تنسَ أنهم معصومون" سجّلوا تحفظهم على إنزال آدم إلى الأرض وفي أذهانهم صورة سياسيّ عراقيّ يشبه في شكله ومظهره وكلامه آدم، لكنّ جوهره الشيطان الرجيم.
قرطاس :فرهود كونيّ
نشر في: 6 مارس, 2012: 09:51 م