أحمد حسين يبدو أن وزارتي الداخلية والتربية وبعض المسؤولين والسياسيين ومعهم عصابات الأمر والنهي، انتهوا من معالجة الأزمات الكارثية التي تسحق الأمة العراقية بمختلف مكوناتها وطبقاتها الاجتماعية، ليتفرغوا لتجييش الجيوش وتحشيد الحشود ضد قوات (الإيمو) الغازية.
ولمن لا يعرف من هم الإيمو نوضح: أنهم كائنات غريبة الأشكال والأطوار، مختلفة الملبس، مدججة بالإكسسوارات، هذه الكائنات تسكن كوكباً خارج مجموعتنا الشمسية، غزت قبل سنوات مضت عدة دول في مختلف قارات العالم، ومن بينها دول عربية وإسلامية، وهي الآن تقف بجيوشها الجرارة على أعتاب بيوتنا لتغزونا شر غزوة. وزارة الداخلية ممثلة بالشرطة المجتمعية، والتربية ممثلة بمكتب وزيرها، ومعهما بعض الساسة والمسؤولين ومن هم بمعيتهم من عصابات الأمر والنهي، يعدون العدة الآن لجيوش مدربة تصد الغزوة الإيموية، وبحسب معلومات مؤكدة فأن بوادر هجمات استباقية بانت واضحة وأسفرت عن قتل عدد غير معلوم لغاية الآن من مقاتلي الإيمو بينهم اثنتان من "مقاتلات كوكب الإيمو" في العشرين من العمر وجدت جثتاهن في منطقة جميلة الصناعية، وبطبيعة الحال فان الكتيبة التي نفذت هذه الهجمة مجهولة الهوية كغيرها من كتائب القتل الفردي والجماعي المجهولات الهويات.عصابات الأمر والنهي أصدرت قائمة بأسماء عدد من شباب الإيمو سيتم تصفيتهم ما لم يعودوا إلى رشدهم، هذا الرشد الذي لا نعرف فحواه ومضمونه فكل عصابة لها رشدها الخاص، ولا أستبعد أن القائمة أعدت بمباركة أحزاب أو رجالات دين، وبعلم السلطات التنفيذية في محاولة بائسة لإرعاب هؤلاء الشباب، وهو أمر وارد جداً، فالإيمو على ما يبدو أثاروا حنق النفوس المتأزمة والمشحونة بالتخلف حد النقمة، لذا بادرت إحدى العصابات بحمل (بلوك) التعزير وسيف التطهير وبفتوى جهادية تضمن الجنة وغداء دسماً في عليين في حال وقع أحد أفراد العصابة بيد قوات الأمن التي ستمارس دورها بشكل طبيعي لدرأ الشبهة، وبالتأكيد سنسمع من الناطقين الأمنيين استنكارات واستهجانات ضد تلك العصابة كما سمعنا سابقا استنكارات واستهجانات ضد عصابة قتل مثليي الجنس بالرغم من أن زعيم الأخيرة وأفرادها معروفون بالاسم والشكل، لكن حتى الآن لم نسمع عن اعتقالهم.غريب أمر دولتنا ورجالاتها، ألا يكفينا ما نرزح تحته من أزمات وهموم لتضيفوا للشباب رعبا جديدا يهدد أرواحهم؟ لماذا نفترض أن الإيمو ظاهرة، وكل ظاهرة ضلالة، وكل ضلالة في النار، ويجب اجتثاثها؟ لم لا ننظر على الأمر كما هو من دون تأويلات؟، أنها ممارسة طبيعية لحق مكفول دستوريا، بل أنها الممارسة الأكثر التصاقاً بمفهوم الحرية الشخصية، فهي حالة عاطفية ذاتية لا تظهر إلا بوسائل غاية في السلمية والتحضر كالملابس والإكسسوارات وتسريحات الشعر والوشم.الداخلية والتربية ومن معهما فضحوا الكثير من التناقضات المخجلة بلا وعي منهم، إذ يرون في الملابس أو تسريحات الشعر أو التاتو ظاهرة خطيرة يجب أن تنشغل بها الجهات المعنية، وبناء على ذلك برروا اتهام شباب الإيمو بأنهم عباد الشيطان ومصاصو دماء ومتعاطو مخدرات وأخيرا بوصفهم قناة تمرر عبرها مخابرات دولية مخططاتها لهدم بناء المجتمع العراقي.التناقضات تبدو واضحة بإشارة سريعة، التاتو أو الوشم الذي يراه البعض ظاهرة هجينة وافدة، هو بالأصل سمة عراقية أصيلة وموغلة في القدم، أنه العلامة الفارقة لنسائنا ورجالنا على حد سواء، يتخذ لدى النساء شكل نقاط وخطوط هندسية، وعند الرجال كلمات وأسماء أحباء أو رسوما حيوانية، في حين حوله الإيمو إلى فن مبهر، رسومات جميلة وألوان زاهية، لكن بما أن رجالات العقائد الغائرين في الماورائيات يرون في الإيمو ظاهرة خادشة للحياء الاجتماعي، إذاً لابد من الفصل بين الوشم العراقي والتاتو الغربي، ما هذا النفاق؟أما تسريحات الشعر الغريبة فقد سبقتها وما زالت تزامنها موجة السبايكي والتي دخل المعجبون بها حالة هلع شديد خوفاً من أن تطالهم غزوة الإيمو، فلا يستبعد أن تتهمهم الداخلية والتربية والساسة وعصابات الأمر والنهي بصلة دم بالإيمو.أما غرابة ملابس الإيمو فهي لا تختلف عن غرابة العمائم أو الدشاديش القصيرة أو البراقع، فهل اعترض أحد على تواجد رجال الدين بأزيائهم التقليدية تحت قبّة البرلمان، أم هل طاردت الجهات التنفيذية المنقبات في الشوارع؟يتهم الإيمو بأنهم مصاصو دماء وهم الأبعد عن الدم والعنف بمختلف أشكاله، مصاصو الدماء هم من يطاردهم القضاء العراقي ويحميهم بعض الساسة أو رجالات الدين أو شيوخ العشائر، القتلة الذين لا ينامون إلا على نواح الثكالى وأنين الأيتام، مصاصو الدماء هم المفسدون وسرّاق المال العام ومن أثروا ثراء فاحشاً تحت غطاء القوانين والقرارات التي شرعوها لأنفسهم.الإيمو لا يعبدون الشيطان ولا غيره لأنهم لا ينشغلون بغير ذواتهم ولا تعنيهم العقائد في شيء، وفي الوقت نفسه هم الأكثر احتراماً للعقائد مهما تباينت، بل هم المشروع الأوفر حظا لرأب الصدع الطائفي وإصلاح مفاسد الساسة الطائفية، أنهم يمثلون الأمة العراقية بجميع مكوناتها العقائدية والعرقية من دون تمييز.الإيمو ليسوا قناة لتمرير الأجندات الدولية، فهم منشغلون بالغناء والموسيقى والرقص ولم تتل
غزوة الإيمو
نشر في: 6 مارس, 2012: 09:54 م