وديع غزوان رغم سخونة الأحداث سواء ما يتعلق منها باستمرار التجاذبات بين الأطراف السياسية بشأن موعد انعقاد المؤتمر الوطني ومطالبة البعض بأن يكون قبل موعد القمة العربية المرتقبة ، أو بتعمد البعض إثارة الغبار على طبيعة علاقة إقليم كردستان وما يسمى المركز ، ناهيك عن مواضيع أخرى كإقرار الموازنة وقرار البرلمان شراء سيارات مصفحة لأعضائه وتراجع البعض عنه .. نقول رغم كل ذلك فإن الحديث عن البيئة وما تعانيه من تلوثات ، لا يعد ترفاً فكرياً أو حديث "بطرانين" كما يقال بالعامية .
فمن المعروف أن عناصر البيئة من ماء وهواء وتربة تعرضت الى تهديدات جسيمة عرضت الإنسان الى مخاطر جسيمة، ما تطلب عقد المؤتمرات الدولية وتشريع القوانين للحد من هذه المشكلة التي تتفاقم بسبب عوامل عديدة تختلف من بلد إلى آخر ، ولا نغالي إذا قلنا إن هذا الموضوع يفترض أن يحتل أولوية في العراق بسبب ما مر به من حروب وعمليات عسكرية . لكن يبدو أن الحكومة مصرة على نهجها في مجانبة الحقيقة والتهرب من مسؤوليتها ، لذا تراها مرة أخرى غير مكترثة كثيراً ، كما يبدو بتقرير باحثين من جامعتي بيل وكولومبيا في الولايات المتحدة بالتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي الذي وضع العراق في مصاف آخر الدول التي تهتم بالبيئة، وهو سلوك ينم عن تقصير فاضح تجاه حياة المواطن وما يتعرض له من مخاطر ، وهو بالمناسبة لا يختلف عن سابقاته كالتقارير التي فضحت جزءاً من مافيات الفساد وهدر المال العام التي ما زالت نتائج التحقيق فيها غير معروفة كغيرها من قضايا أخرى خطيرة كان مصيرها الإهمال واللا ابالية . ولا نختلف هنا كثيراً مع رأي أحد أعضاء لجنة الصحة والبيئة البرلمانية في تحميل جزء من مسؤولية التلوث البيئي على الحكومة والمواطن معاً، لكننا نستغرب جعلها مناصفة بين الاثنين، وكأن المواطن هو المسؤول عن عدم وعيه البيئي الذي لم يعد يكترث له كثيراً بسبب الأزمات الكثيرة خاصة وان النائب قد أشار بوضوح الى افتقار العراق الى "معايير للبيئة" وعشوائية العمل بسبب "عدم سن قانون لوزارتي الصحة والبيئة"، وهي مسؤولية البرلمان والحكومة ولا علاقة للمواطن بها من قريب أو بعيد . لا نظن أننا نبالغ إذا قلنا إن هنالك إهمالاً في معالجة موضوع البيئة لا تتحمله وزارة البيئة وحدها بل جهات أخرى عجزت او ساهمت بتقليل المساحات الخضر عن بغداد وغيرها من المحافظات، ووزعت الأراضي بعشوائية غير مبالية بتصاميم المدينة ويكفي أن نشير هنا الى أراضٍ كانت بساتين وأراضٍ خضر في جانبي الكرخ والرصافة، قسمت و أفرزت عشوائياً، وخارج القانون، لتباع من قبل مالكيها على المواطنين بمساحات لا تتجاوز المئتي متر! هذا جانب واحد من المشكلة، ناهيك عن ضجيج السيارات وعوادمها والتباطؤ في إزالة الملوثات الحربية والألغام من التربة في بغداد والمحافظات. قد يكون الوضع نسبياً أفضل في مدن إقليم كردستان رغم أنها عانت ايضاً من ويلات الحروب وحملات الإبادة بالأسلحة الكيمياوية ، لكنها انتبهت مبكراً إلى أهمية هذا الموضوع، فأصدرت في بعضها قرارات تلزم المواطن بغرس شجرة أمام بيته، إضافة إلى تنفيذها مشاريع لزيادة المساحات الخضر كغرس مليون شتلة زيتون وغيرها، غير أن الحاجة تبقى ملحة لتنبيه الجهات المعنية في الإقليم إلى أهمية الموازنة بين ما يجري من حملات عمران وبين متطلبات للحفاظ على بيئة سليمة نسبياً.
كردستانيات :من أجل بيئة سليمة
نشر في: 6 مارس, 2012: 10:11 م