 بغداد / دعاء آزادكشفت هيئة الآثار والتراث أن قرابة 4000 مبنى تراثي تعرض للهدم، بسبب عدم وجود قانون يحميها، مشيرة إلى رفعها دعاوى قضائية ضد من أسمتهم المتجاوزين على المباني التراثية.رئيس هيئة الآثار والتراث قيس حسن رشيد أكد  في اتصال هاتفي مع "المدى"،
أن ثلاثة آلاف و600 مبنى تراثي تعرض للهدم ولم يبق سوى 2400 من أصل 6000 مبنى تراثي، واصفا ذلك بأنه "هدر لثروة لا تقدر بثمن".rnوبين رشيد أن "الهيئة رفعت دعاوى قضائية ضد كل من الوقف السني والشيعي والمسيحي، وأمانة بغداد، والحكومة المحلية في بابل، وأفراد آخرين، لتجاوزهم على المباني التراثية التي في عهدتهم خلافا  للقانون".لكنه شكا مما اعتبره بطء الإجراءات القانونية، وقال: "كل يوم يمر يهدد سلامة الأماكن التراثية لأنها ملك لأشخاص غير متخصصين بالتراث"، على حد وصفه.وكانت هيئة الآثار والتراث قد شكت في وقت سابق  تعدد مرجعيات المواقع التراثية مثل الوقف السني والوقف الشيعي والوقف المسيحي وأمانة بغداد، في حين لا تمتلك الهيئة سوى 26 مبنى فقط. ويرى رشيد أن المشكلة لها جانبان؛ احدهما قانوني والآخر مادي، مؤكدا أن "هناك حاجة ملحة لتشريع قانون استملاك المباني التراثية لأنها حاليا ملك لعدة جهات وكذلك لأشخاص"، معربا عن أسفه بالقول: "نحن عاجزون عن نقل ملكيتها للهيئة إلا بقانون".أما الجانب المادي فأوضح أن "الهيئة بحاجة إلى تخصيصات مالية لكي تستملك الأماكن التراثية من أصحابها"، مستدركا "طالبنا الحكومة الاتحادية بتخصيص 20 مليار دينار ضمن موازنة العام الحالي لشراء المباني أو منح ملاكها مبالغ لترميمها"، مستبعدا موافقة الحكومة على هذا الطلب.الأوقاف نفت من جانبها، التجاوز على الأبنية التراثية، مؤكدة أنها لا تملك سوى دور العبادة. وبين رئيس الوقف الشيعي صالح الحيدري أن "المباني التابعة لنا هي فقط العتبات المقدسة وبعض الجوامع والحسينيات". وأضاف في تصريح لـ"المدى" أمس "نحن لم نتجاوز على الأبنية التراثية التابعة لنا ولم نغير من شكلها الأصلي ونتعامل مع الأماكن بالتشاور مع دائرة الآثار والتراث الموجودة في كل محافظة".ولفت الحيدري إلى أن "العتبات المقدسة لها طابع خاص لأن فيها طقوسا دينية من صلوات وزيارات على مدار السنة لذلك هناك حاجة ضرورية لتأهيل وتجديد المكان"، موضحا "على سبيل المثال قمنا بتوسعة العتبات المقدسة في محافظة النجف وتغليف صحن الإمام الحسين في محافظة كربلاء إذ كان من الصعب الصلاة داخله". وشدد الحيدري على أن "هذه المباني ملك للوقف ولا يحق لأي جهة استملاكها"، على حد قوله.فيما أفاد الوقف السني في تصريح لـ"المدى" على لسان وكيله للشؤون الدينية محمود الصميدعي بأن "المباني التراثية التابعة للوقف السني هي بعض الجوامع لا غير". وفي السياق نفسه ذكر رئيس الوقف المسيحي رعد عمانوئيل في تصريح لـ"المدى"، أن "الوقف لا يمتلك مباني تراثية إنما هناك بعض الكنائس التي تعتبر تراثية وهي ملك للطوائف المسيحية ولكن تحت إشراف الوقف المسيحي". وأشار عمانوئيل إلى أن "هذه المباني ملك للطوائف المسيحية ومن غير الممكن أن تملك لجهة غيرهم"، نافيا في الوقت نفسه إجراء أي تغيير لمعالمها الأصلية. وقد أجرت "المدى" عدة اتصالات هاتفية مع أكثر من مسؤول في أمانة بغداد للحصول على تصريح بشأن الموضوع، إلا أنهم لم يردوا على الاتصالات بالرغم من التأكيدات المتكررة. لجنة السياحة والآثار النيابية عزت التجاوزات على المباني التراثية إلى ضعف السلطة والرقابة القانونية.إذ انتقد نائب رئيس اللجنة طلال حسين الزوبعي الجهات المعنية بتطبيق القانون الخاص بحماية المواقع التراثية، مبينا أن "ضعف السلطة وعدم تنفيذ العقوبات ضد من يتجاوز على الأماكن التراثية هما السبب الرئيس في خسارة الكثير من الأبنية التراثية". وأشار إلى أن "القانون يفرض على المتجاوزين غرامات مالية قد تكون قليلة، وفي المقابل يقوم مالك المبنى التراثي بتحويله إلى مبنى تجاري لتحقيق أرباح عالية أضعاف مبلغ الغرامة"، ملمحا إلى إمكانية إجراء تعديل على القانون لكي يتناسب مع الوقت الحالي.وتابع بالقول: إن "باستطاعة وزير السياحة والآثار أن يصدر قراراً عبر مجلس الوزراء لمنع هدم المباني التراثية وإزالة جميع التجاوزات عنها، كما هو حال الوزراء الآخرين".ونوه بأنه "إذا كان المواطن في العراق مضطهداً بسبب ما يعيشه البلد من حالة فوضى وغياب السلطة فكيف بالأبنية التراثية"، بحسب تعبيره.وكان النائب طلال حسين الزوبعي قد كشف في تصريح لـ"المدى" أمس، أن "الفساد في وزارة السياحة والآثار يعد من أعلى مستويات الفساد المالي والإداري في الوزارات العراقية، وبالتالي فأن اللجنة تواجه معوقات هائلة جدا تحول دون معرفة الفاسدين والقوى الفاعلة المستفيدة في عمليات الفساد"، على حد قوله.