TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > جـســر:مـــع الــنـجــيــفـــي فــي الــكــويـــت

جـســر:مـــع الــنـجــيــفـــي فــي الــكــويـــت

نشر في: 10 مارس, 2012: 08:26 م

سعد بن طفلة العجمي* عقد في الكويت الأسبوع الماضي مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي. وجاء عقده تلبية لدعوة من رئيسه الكويتي النشط النائب علي الدقباسي، وقد كان الملتقى تظاهرة مهمة للبرلمانيين العرب، ومناسبة للتعرف عن كثب على البرلمانات العربية الجديدة التي جاءت إثر ثورات الربيع العربي وعلى رأسها البرلمانان المصري والتونسي اللذان حضر رئيساهما المؤتمر.
 وقد غابت ليبيا التي لم تجر انتخاباتها البرلمانية بعد، وسوريا التي هي دولة المقر لكن برلمانها صورة منسوخة لـ" الجبهة الوطنية " التي تحكم البلاد بالحديد والدم والنار، ولبنان التي قاطعت المؤتمر لأن (سوريا الأسد) "بدها هيك"، ولأن حزب الله وإيران طالبتا بالمقاطعة من أجل التفرغ "للمقاومة" ضد الشعب السوري في مواجهة نظامه. لم تعد البرلمانات العربية كسابقاتها، أي أنها لم تعد نسخا لحكوماتها،فلقد ولى عهد النسخ البرلمانية المنقحة حكوميا، وذهب بلا رجعة عهد أولئك البرلمانيين الذين يرددون ببلادة ورتابة ما قاله الرئيس الضرورة والقائد الملهم والزعيم الهمام.التقيت بالوفد البرلماني العراقي في ديوان رجل الثقافة العربيةالمعروف السيد عبدالعزيز البابطين، وقد كان السيد أسامة النجيفي ، رئيس مجلس النواب العراقي، مترئسا الوفد الضيف. كنت ممن حاور الرئيس النجيفي من الحضور، وقد انصب الحوار حول أهمية بناء جسور الثقة بين البلدين- الكويت والعراق- وأهمية تأمين الاستثمار لتشييد جسور جديدة تعيد اللحمة بين الشعبين على أسس مصلحية تقطع دابر المغامرات وتمحو ثقافة الغزو والضم والحروب. ولقد قال الرجل كلاماً عكس ثقته بنفسه وثقته بحرية وصوله إلى مكانته البرلمانية، وتحدث بتلقائية شاركه فيها بعض زملائه النواب. وكنت أقارن وأنا أستمع إليه بين نبرة صوته وتدفقه التلقائي برأيه- صواباً كان أم غير ذلك- وبين نواب "المجلس الوطني" أيام صدام حسين في المحافل الدولية. ففي التسعينات، عملت مستشاراً ومترجماً بالشعبة البرلمانية بمجلسالأمة الكويتي- أي وزارة الخارجية البرلمانية في أي برلمان، وهو ما أتاح لي فرصة الاستماع لبعض نواب المجلس الوطني العراقي أيام حكم الحزب الواحد وتسلط الدكتاتورية الصدامية على كل مؤسسات العراق، وكنت أستمع إلى كلمات معدة سلفا كان يلقيها رئيس المجلس سعدون حمادي وزملاؤه المرافقون. كان التوتر يسود أجواء الوفد، والتلفت والالتفات سمة المشاركين، والخوف واضح في ثنايا الكلمات، والثقة بالرأي مفقودة في بغداد، والأعضاء يشاركون مراقبة لزملائهم الأعضاء الآخرين.في إحدى المرات، عقد الاتحاد البرلماني العربي لقاءه السنوي في الرباط بالمغرب، واتفق المشاركون في لجنة الصياغة على مسودة بيان ختامي يطالب نظام صدام بالالتزام بالقرارات الدولية، وهو ما وافق عليه الوفد العراقي ولكن أثناء الجلسة نكث وفد صدام حسين بموافقته وذلك بعد اتصال هاتفي أتى من "القيادة" بعدما قرأوا المسودة عبر الفاكس، وطالبوا بإعادة صياغة البيان الذي تم الاتفاق عليه، فاحتج وقتها رئيس مجلس النواب الأردني سعد هايل سرور وردد "هذا مش لعب عيال"، ممتعضاً من خرق الاتفاق في لجنة الصياغة ثم الانقلاب على ما اتفقوا عليه.أسوق هذه المقارنة لأني استمعت لنواب عراقيين انتخبهم شعبهم بحرية، وعبروا بكل ثقة عن رأيهم أثناء حديثهم دون خوف أو تردد...وعلى الرغم من كل النواقص في الديمقراطية العراقية، ورغم تشرذم المشهد السياسي العراقي اليوم، ورغم كل العقبات التي تعترض سبيل العملية السياسية بالعراق، إلا أن الحرية تخلق ثقافة من الثقة، وصراحة ووضوحاً في الرأي لم تكن موجودة أيام الدكتاتورية الصدامية.ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ* كاتب وأكاديمي كويتي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

أوس الخفاجي: إيران سمحت باستهداف نصر الله وسقوط سوريا

عقوبات قانونية "مشددة" لمنع الاعتداء على الأطباء.. غياب الرادع يفاقم المآسي

مدير الكمارك السابق يخرج عن صمته: دخلاء على مهنة الصحافة يحاولون النيل مني

هزة أرضية جنوب أربيل

مسعود بارزاني يوجه رسالة إلى الحكومة السورية الجديدة

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram