حازم مبيضين يتبادل طرفا الصراع المحتدم في سوريا الاتهامات, حول الاستعانة بقوىً خارجية للقتال على الأرض السورية, ونصرة طرف ضد الآخر, فالسلطات السورية تتهم معارضيها بالاستعانة بفلول القاعدة والإرهاب, الذي يجد في بلاد الشام ساحةً يعوض فيها خسائره في العراق, كما تتهم مقاتلين ليبيين امتلكوا خبرة في إطاحة القذافي بالقتال إلى جانب المعارضين للنظام, وتوجه اتهاماً لدول عربية بتسليح المعارضين ومدهم بالمال, إضافة إلى تبنيهم إعلامياً, ببث تصريحاتهم وتصديق رواياتهم عما يجري,
وتفنيد روايات النظام, وإلى حد أن دمشق تؤكد تعرضها لحرب إعلامية تنكر الوقائع, وتسعى لتأجيج الأحقاد والثارات بين أبناء المجتمع السوري. المعارضون لنظام الأسد يتهمونه بالاستعانة بمقاتلين من حزب الله اللبناني, ومن أتباع العراقي مقتدى الصدر, إضافة إلى اتهام إيران بوضع خبراتها تحت تصرف دمشق, بعد أن مدتها بالسلاح والأموال, وأرسلت قائد حرسها الثوري لتنسيق العمليات, وكل ذلك على أسس طائفية وفي إطار استكمال الهلال الشيعي, ولا ننسى الاتهامات الموجهة لروسيا, بإعادة تسليح الجيش السوري بأسلحة حديثة, قادرة على مواجهة الثوار وقمعهم, وهم يتهمون النظام أيضاً, بجر البلاد إلى حرب أهلية, بعد إجباره المحتجين سلمياً على حمل السلاح دفاعاً عن أنفسهم, ودفعه لانشقاقات في جيشه, على خلفية رفض الجنود توجيه سلاحهم إلى مواطنيهم. على جانبي المعادلة يبدو أن الاتهامات المتبادلة تمتلك الكثير من الصدقية, فالنظام مستعد للمضي إلى آخر الشوط دفاعاً عن وجوده, وهو لن يرفض أي مساعدة من أي جهة كانت, للقضاء على التمرد الذي تزداد رقعته يومياً, وكلما ازداد عديد الضحايا الذين يسقطون برصاص الاخوة الأعداء, والمعارضون يصرحون علناً بحاجتهم للدعم من أي جهة, لمجابهة آلة القتل والقمع الرسمية, وليس بعيداً أن يسعوا للاستعانة بالثوار الليبيين, وهم ذهبوا بعيداً في ذلك وإلى حد طلب التدخل العسكري الأممي لإطاحة النظام, وليس ذلك سراً, فهم يعلنونه على رؤوس الأشهاد, متذرعين بأنه لم يعد لديهم غير هذا الخيار, وكأن الطرفين ينطلقان من قاعدة علي وعلى أعدائي. يدرك طرفا المعادلة السورية, وإن أنكرا ذلك, أن وطنهم تحول إلى ساحة, يتقاتلون هم أنفسهم فيها لصالح الغير, الذي يرى في سوريا موطناً لتصفية الحسابات, والطرفان, وبعيداً عن المصلحة الوطنية, مستعدان للتحالف مع الشيطان لإحراز ما يتوهمانه نصراً, إذا استطاع طرف منهما كسر شوكة الطرف الآخر, وبينهما وبين مصالحهما وطموحاتهما يدفع المواطن السوري الثمن باهظاً ومكلفاً, من دم أبنائه أولاً, ومن مستقبل سوريا ثانياً, وهو الأكثر أهمية, ومن أمن المنطقة الذي بات على شفا حفرة من النار والخراب, دون أن يتمكن العقلاء حتى اللحظة من وقف عجلة التدهور عن الدوران. لا نقف مع طرف ضد الآخر, بقدر وقوفنا إلى جانب المواطن السوري, وحقه في العيش آمناً ومطمئناً, وعلى الذين ينفخون في كير الكراهية والحقد والفرقة بين أبناء البلد الواحد, وأصحاب المصير المشترك أن يكفوا عما يقومون به من تخريب, ستطالهم منه شرارات إن لم يكن حريقاً, وعلى الذين يروجون لتقسيم بلاد الشام على أسس طائفية من هذا الطرف أو ذاك, أن يتقوا الله في شعبهم ومستقبل أجياله.
في الحدث :سوريا .. اتهامات متبادلة يدفع المواطن ثمنها
نشر في: 10 مارس, 2012: 09:31 م