ساطع راجيسلسلة معلومات وبيانات وتصريحات رسمية متضاربة كانت كفيلة بخلق بلبلة وحالة من الهلع الإعلامي والقلق الاجتماعي، مسؤول في الداخلية وآخر في التربية تحدثا عن كتب رسمية وأوامر إدارية تطالب بالتصدي لانتشار ظاهرة الإيمو بين الشباب وهي ظاهرة تقتصر في العراق على جوانب مظهرية غالبا لا يدرك الكثير من مقلديها مضمونها النفسي أو الفكري
كما هو حال مرتدي ملابس وإكسسوارات الهيبيز في السبعينات مثلا وكما هو حال أي موضة ملابس فيها جانبان، سطحي شائع التداول وعميق نادر الفهم والاقتناع، لكن هذه المرة زاد عليها عضو مجلس بلدي فربط الايمو العراقيين بعبادة الشيطان ومصاصي الدماء، وكان لعبادة الشيطان صولة في بلدان الشرق الأوسط حيث استخدمها الطغاة أيضا في ترويض شعوبهم وزرع التشدد في بلدانهم.مقلدو الايمو في المناطق الغنية لا يخشون ما يخشاه رفاقهم من سكنة الأحياء الفقيرة في العاصمة وفي الاقضية والنواحي والقرى في المحافظات الأخرى، علما أن مقلدي موضات الثياب وحلاقة الشعر الجديدة يكونون غالبا من المناطق الفقيرة المزدحمة وحتى القروية أحيانا وهو أمر لافت في المجتمع العراقي، ففي المجتمعات الأخرى تكون الموضة من اهتمامات الطبقة الراقية والغنية لكن في العراق هناك سرعة أكبر في الأحياء الفقيرة والنائية أحيانا في اتباع الموضة دون أي إدراك لمضمونها الثقافي، لكن المناطق الفقيرة والنائية هي مملكة المتشددين والجماعات المسلحة وهنا تكمن المشكلة.الإيمو أو أي ظاهرة اجتماعية أخرى أو سلوك جديد أو مختلف أو حتى شاذ لا يعد مشكلة داهمة ومهددة فالمجتمع "ياما يشوف" إلا عندما تعبث به السياسة والجماعات المسلحة التي تثبت يوميا إننا نعيش في شبه دولة يمكن للمسلحين أن يفرضوا قوانينهم فيها طالما كانوا بعيدين عن المطالبة بالسلطة أو تحديدا طالما بقوا بعيدين عن أصحاب عدد محدود من كراسي السلطة ولهم بعد ذلك أن يفعلوا ما يشاؤون حتى لو فرضوا الحجاب على المانيكان "لعابات عرض الملابس".السلطة تلقفت الايمو كهدية من السماء فهاهي أداة تسلية جديدة يمكن إشغال الناس بها بضعة أسابيع أو حتى بضعة أيام حتى تمن السماء بهدية أخرى تدفع لأيام تسلوية أخرى بدل الانشغال بالخدمات والكهرباء والبطالة والموازنة المضطربة التي لا يقر لها قرار و"هوسة" المصفحات البرلمانية والإرهاب وتعويض ضحاياه ومشكلة السكن و.........مالا ينتهي من المشاكل، ولذلك اشتغلت ناس السلطة على الموضوع بأناقة رسمية تسخر من عبث الايمو ودفعوا بالأمور إلى الهلع ثم بعد ذلك حمّلوا الإعلام مسؤولية كل تلك الفوضى التي ربما ذهبت بعض الأرواح هدرا في مطحنتها الدائرة، إنها التسلية الحكيمة والنافعة رغم كلفتها العالية!!.المصيبة الأخرى هي أن الإعلام ومعه المتلقي صار يشعر بالملل من حكايات ومواجهات المالكي وعلاوي وتصريحات نواب دولة القانون والعراقية، ومن قضية الهاشمي ومن قضية المطلك ومجلس السياسات ونواب أربعة إرهاب والوزارات الأمنية (إذا كنتم تذكرونها) فأهتم بموضوع الايمو من باب التجديد والإثارة مادام الناطقون الرسميون والبيانات الحكومية والمصادر المطلعة توفر المادة الأساسية للتقارير والمواد الصحفية وطبعا هناك النواب الجشعون للظهور الإعلامي وبعضهم استغلها فرصة لينفض عن نفسه غبار النسيان والسياحات الخارجية الطويلة فحمل أو حملت (للنائبة) سيفه "بياناته الصحفية" وشهرها في وجه الناس إما مدافعا عن الدين والعادات والتقاليد أو مدافعا عن حقوق الإنسان والحريات المدنية، بعدما كسدت بضاعته وأضاع طريقه.لله دره (كما يقول الفصحاء) ذلك الذي اكتشف أن هناك رذيلة أو خطرا اسمه الايمو بعدما بهتت رذائل الفساد والرشوة والقتل وتهريب المجرمين والاعتداء على المال العام وتجاهل الفقراء والمرضى والأرامل والأيتام، لله دره كيف أدار اللعبة وجعلها مسلية إلى هذا الحد حتى سارع بعض المساكين ليكتبوا عن "الطرق الحضارية" التي يجب أن تتبعها الأجهزة الرسمية في التعامل مع السلوكيات "الغريبة" التي تهدد المجتمع، وكأن الأجهزة الرسمية تهتم "بالحضارية" أو بـ"المخاطر التي تهدد المجتمع" والدليل على ذلك حرصها مثلا على توفير المياه الصالحة للشرب وتوفير المجاري الصحية والتحقق من الإشعاع النووي ومنع تداول الأدوية والأغذية التالفة.وعلى قاعدة "الظواهر الغريبة" ولأن "ما غريب إلا الشيطان" ولأن الايمو اتهموا بعبادته كان الايمو هم الظاهرة الوحيدة الغريبة التي تهدد المجتمع ،أما سلسلة الظواهر الأخرى فيمكن تسميتها كوارث وطنية أي إنها متمسكة بالعادات والتقاليد بل أن المجتمع صار يعتبرها جزءا من كيانه فلا يعاب على الإنسان أن يكون لصا كبيرا أو مرتشيا أو مزورا أو عضوا في جماعة للقتل مهما كان الضرر الذي يلحقه بالناس بل هو "صدر ديوان" و"سبع" و"يعرف يدبر أموره" وللإيمو الفقراء أن يشكو ما يشاؤون فهم الشائبة الوحيدة التي تخدش الصورة البهية لهذا الوطن المقدم على احتضان قمة عربية استعدت لها بغداد كأفضل ما يكون الاستعداد ولا يشوب وجه العاصمة التي أنفق عليها مئات ملايين الدولارات إلا بضعة شباب ومراهقين يقلدون ا
التسلية بالإيمو الفقراء
نشر في: 11 مارس, 2012: 06:58 م