بغداد/ المدىبداية حياة كل أسرة بعد الزواج، إنجاب الأطفال وهكذا تستمر الحياة من خلال العِشرة والمحبة... ولم يخطر ببال أحد عندما يتزوج أن تكون زوجته عقيمة... إما بسبب طبيعي لعدم توفر الأسباب المؤدية للإنجاب أو بسبب عارض طارئ تتعرض له الزوجة بعد عسر ولادة أو لأي سبب آخر ...
وهذا ما روته الزوجة على مسمع الزوج أمام قاضي الأحوال الشخصية ... فقالت : لقد تزوجته على سنة الله ورسوله وسعدنا بعيشنا في حياتنا الزوجية وقد ازدادت فرحتي حين أخذت تنتابني عوارض الحمل وكان سروره أعظم لأننا بشرنا بالأمل ... وبعد تعسر ولادتي نقلت إلى مستشفى الولادة وقرر الأطباء إجراء عملية لإنقاذ حياة الطفل وحياتي قبل فوات الأوان ... وهذه العملية ستضطرهم لإزالة الرحم نهائيا لأنه كان قد تمزق وسأبقى في نزيف مستمر ... وأعلن زوجي وأنا موافقتنا ... فهذا أمر الله ولا راد لمشيئته ... وكان زوجي أول من واساني ومسح على جبيني وأنا راقدة على السرير وقال .. أنا اقبل بك حتى وان لم تلدي أبداً ... الحمد لله لقد ولدت لنا طفلة ستعوضنا عن الحرمان الذي كنا نعيش به ... وسارت حياتي على ما يرام ... ولكنه بعد فترة اخذ يتغير نحوي ... صارحته بذلك ... وفهمت من انه يريد الزواج ، ووعدني بأنني سأبقى محترمة ومقدرة ... رفضت ذلك وانزعجت كثيرا لقراره ... وذكرته ما قال لي وأنا في المستشفى ... فقال أريد أطفالا .. أريد ولدا يحفظ اسمي ! كانت كلماته بمثابة الصاعقة نزلت علي ففتحت جراحات صدري ... فأظلمت الدنيا في عيني وقلت له ... ما دمت تريد ان تتزوج ... سوف اخرج من هذا البيت ولن أعود إليه وتزوج بمن تشاء من النساء وحملت ابنتي على ذراعي وخرجت والدموع تتقاطر من عيني ... لكنه لحق بي إلى بيت أهلي وهناك سألني أهلي عن سبب قدومي وأمامه ... فقلت ... يريد أن يتزوج بامرأة أخرى وأنا لا أوافق على ذلك ... ولكن أهلي كانوا معه ووافقوا على ذلك وقالوا لي هذا من حقه !.. أعادوني إلى بيتي ولكن تصرفاته معي أخذت تزداد سوءا واخذ يعاملني مع أهله بقسوة ... حتى أن احد إخوته ضربني على مسمع ومرأى منه ... وأخيرا خطب زوجة له وسلمت للأمر الواقع هو وزوجته ... لكني كنت أتمزق غيظا لأنني امرأة ، والمرأة تموت عندما ترى أن زوجها أصبح لغيرها .... ولكنه ما أن تزوج بتلك المرأة وعرف أنها حامل حتى تبدلت طبيعته معي واخذ يهجرني في مضجعي وأخيرا أخرجني من البيت الذي تعبت معه في بنائه وعلى رغبة زوجته الجديدة ... واستأجر لي غرفة في مسكن صغير ... رفضت ذلك وحملت أمتعتي وأخذت ابنتي والتجأت الى بيت أهلي ولن أعود اليه مرة ثانية فما حاجته إلي وقد تزوج وزاد على ذلك أن اخذ ابنتي مني ... ابنتي الوحيدة التي هي أملي في هذه الدنيا ليزيد من تعذيبي ومرارتي ... سكت الزوجة وبدأ الزوج بالرد على كلام زوجته وقال للقاضي ... سيدي ... هي الآن تطلب الطلاق وقد ربطني بها زواج شرعي ومعاشرة زوجية وثمرة هي تلك الفتاة التي أخذتها لا احرمها منها بل لا اضغط عليها كي تعود إلى البيت ... وقد فتحت لها بيتا خاصا ولا اقصر معها فحالتي المادية جيدة والحمد لله واشهد أمامكم أنني ما كرهتها قط ، ولم اكرهها ... واني مستعد لما تطلب مني فلتعد إلى بيتها تحضن ابنتها كي لا تعيش يتيمة ابد الدهر وليس لها من أمل في الأولاد بعد إلا هذه الوردة التي ترونها ... وانحنت أمها تقبلها وجذبتها إلى صدرها وأخذت تشم رائحتها وكأنها زهرة تراها لأول مرة ... ورفعت رأسها للقاضي وقالت : لن أعود إليه ... يريد ان يحرمني من ابنتي فليأخذها معه لأنني يئست من الحياة .. سأواجه قدري وسأعيش الحياة وحيدة كما كتب لي ربي فمصير الفتاة لأبيها فليربيها كما يشاء !... قال لها القاضي : دعيني أذكرك بقول الرسول (ص) "إن أبغض الحلال إلى الله الطلاق " ... وهذا زوجك يعرض عليك زيادة في الاطمئنان من جانبك راتبا شهريا لك ولابنتك وكل ما تطلبين وهذا دليل كاف على حسن نيته وعفا الله عما مضى ... قالت الزوجة بعد أن رفعت رأسها عن الارض ... لن أعود إليه مرة ثانية حتى ولو وهب لي العالم بأسره ... أحب ان اذكره انه قال لي قبل أن ادخل القاعة ... لن أطلقك وستبقين معلقة ، ولن أعاملك كزوجة ... هو تكلم أمامك سيدي بكلامه المعسول ليصور نفسه انه زوج مثالي له أخلاق رفيعة ، لكنه بصراحة ذئب في ثياب حمل... فقال لها القاضي : الله هو المطلع على سرائر الناس ... لكن يؤلمني ويحز في نفسي أن افرق بينكما وقد ارتبطتما برباط مقدس هو الزواج وصلة دائمة هي هذه الصغيرة فما ذنبها أن تحرم من حنان الأم ورعايتها ... لتعيش مع أبيها ومن يضمن أن زوجة أبيها لن تقسو عليها ، فتعيش في تعاسة وشقاء مدى العمر حاقدة عليك لأنك تخليت عنها وعلى أبيها لانه انشغل او تشاغل بغيرها ... فما دام قرارك هو الطلاق والتفريق بدون مهر ولا تعويض ولك ما تريدين .. لكن تذكري هذه الوردة التي ضممتِها وشممتِها قبل قليل انك سوف تحرمينها من الرعاية والحنان ... سوف أحولكما إلى الباحثة الاجتماعية لعلها تصفي ما بنفسكِ وتبدل أحوالك وتعودين إلى رشدك وزوجك.
الوجع ما يوجع إلا صاحبه
نشر في: 11 مارس, 2012: 08:07 م