سامي عبد الحميد بدعوة من (فرقة شكسبير الملكية) في ستراتفورد المدينة التي ولد فيها وليم شكسبير الشاعر المسرحي الخالد ، تتهيأ (الفرقة الوطنية
ويبدو لي أن الجهة الراعية لذلك الاحتفال رغبت في أعمال شكسبيرية برؤى غير انكليزية . لقد استبدل المعد والمخرج مناضل داود عائلتي روميو وجوليت المتعارضتين بعائلتين عراقيتين مختلفتي العقيدة وتقودهما خلافاتهما وتعصباتهما إلى الوقوف ضد زواج شاب من هذه العائلة بشابة من عائلة أخرى، ارتبطا بحب عميق دفعهما إلى الزواج على الرغم من إرادة أبويهما وقبل أن يتذوقا طعم الزواج قتلها انفجار إرهابي حدث في إحدى الكنائس حيث كان لقاؤهما الأخير. وأوضح أن مناضل داود يعرض على المتزوجين هنا وهناك دعوة إلى التصالح والسلام ونبذ الخلاف والتعصب والعنف ومسعاه خير ونية طيبة ونتمنى لمعالجته كل النجاح والحق فأن مساهمة المسرح العراقي في مناسبة عظيمة مثل إحياء ذكرى شكسبير تزيدنا فخراً واعتزازاً وسرورا. وبهذه المناسبة لابد لنا من أن نستذكر مساهمات عراقية ماضية في مسرح شكسبير ، إذ ليس هناك من مسرحي عراقي إلا ويتمنى أن ينتج او يخرج مسرحية لشكسبير أو يمثل فيها . ولعل استأذنا الراحل حقي شبيلي كان من المبادرين لتقديم مسرح شكسبير إلى الجمهور العراقي فقد اخرج (تاجر البندقية) و(بوليوس قيصر) بشكل فني متقدم وتبعه الراحل جعفر السعدي عندما اخرج (بوليوس قيصر) في الستينيات من القرن الماضي مع طلبة معهد الفنون الجميلة وكذلك فعل الراحل إبراهيم جلال عندما اخرج (عطيل). وفي السبعينيات أخرجت (هاملت) وقبلي قام حميد محمد جواد بإخراجها، وبعده قام صلاح القصب بإخراجها . وفي تلك المرحلة قام محسن سعدون بإخراج (حلم ليلة صخب) وفي الثمانينيات قمت أنا بإخراج تلك المسرحية الكوميدية مع الفرقة القومية للتمثيل ومع هذه الفرقة قام محسن العزاوي بإخراج مسرحية (روميو وجوليت) برواية خاصة. وفي التسعينيات تصدى صلاح القصب لمسرحية (ماكبث) وقدمها في حدائق قسم الفنون المسرحية بكلية الفنون الجميلة بينما قدمت أنا (ماكبث) بعنوان (طقوس الندم والدم) في احد ستوديوهات دائرة السينما والمسرح وأضفت إلى النص الشكسبيري مشاهد تحمل الثيمة نفسها من مسرحيات كتبها مؤلفون من بلاد مختلفة وفي أزمنة مختلفة . وكانت الثيمة هي (وبشر القاتل بالقتل) أو (الطموح غير المشروع يقتل صاحبه). وجرَب مخرجاهما جواد الأسدي وشفيق المهدي إخراج مسرحية (ماكبث) وبمعالجة تجريبية واضحة قدمت (عطيل) بعنوان جديد هو (عطيل كما مثلها طباخو نوفوتيل) وذلك نهاية التسعينيات وفي كافتريا دائرة السينما والمسرح، مفترضاً أن طباخي ونادلي احد المطاعم يقررون تمثيل المسرحية مستخدمين مفردات المطبخ والمطعم وعلى وفق ثيمة (الصراع بين الأبيض والأسود )، وهكذا فإن تجربة مناضل داود مع (روميو وجوليت)، إضافة جديدة لرصيد المسرح العراقي مع مسرح شكسبير ذلك الرصيد الذي تميز برؤى المخرجين الخاصة وبالمعالجات المبتكرة ورعا باعتماد النص الشكسبيري منطلقاً لتحقيق تلك الرؤى.
محطات :نحن وشكسبير

نشر في: 12 مارس, 2012: 08:10 م