ثامر الهيمص أعيدت 53% من تخصيصات المحافظات الى الخزينة في موازنة 2011 وكذلك 35% من ميزانية الوزارات كمعدل في السنوات الأخيرة وبما أن العوامل التي أدت الى هذا الفشل في الأداء مازالت قائمة ويرافق ما تم تنفيذه عمليات فساد تتحدى
( المشرع والمنفذ والنزاهة والمفتشين) الذي يختفي في ظل تعقيد الإجراءات حيث بلغت نسبته حسب إحصائيات الشفافية الدولية بتسلسل164 من بين 183 من دول العالم إذن ضعف الأداء عبر عن نفسه بإعادة الأموال للخزينة والفساد استثمر كثيرا في مشروع تعقيد الاجراءات . ولكن رب سائل يسأل لماذا أعيدت الأموال اذا كان الفساد مستشريا ولم يعمل على احتواء المبالغ المعادة التي تشكل النسبة الأكبر ؟ هناك من يقول إن العوامل الموضوعية ( الكهرباء والأمن وقلة الخبرة ) أسباب رئيسية في تراجع مجالس المحافظات عن صرف كامل التخصيص ولكن أين العامل الذاتي وهو الإرادة الوطنية التي من المفروض أن يفرضها الناخب على الأعضاء في مجلس المحافظة لاسيما اذا علمنا أن المشاريع التي أجلت أو رحلت لاتحتاج كثيرا الى خبرات عالية وأن أغلب محافظات الوسط والجنوب تتمتع بالأمن نسبيا . كما أن الكهرباء لها بدائل المولدات لذلك يقفز أمامنا الفساد ليقول لنا ( قليل دائم خير من كثير منقطع ) فالأمن مثلا ليس فقط خوفا من الإرهاب بل خوفا من المتنفذين غير الرسمين المرتبطين بالأحزاب أو القوى السياسية فهؤلاء من الكثرة والسطوة يجعلهم أحيانا كثيرة متعادلين ولذلك يصعب تفاهمهم على بقية المشاريع المرحلة أو المؤجلة حالهم حال العملية السياسية حيث يرفض ممثلو الأقلية نمط المعارضة في التقليد الديمقراطي ويرى أن الشراكة والمحاصصة أفضل . وهكذا في المحافظات فإن أتباع القوى الأغلبية أو الأقلية يعيدون إنتاج العملية السياسية . كما أن هناك في الأقلية قوى ما زالت تدعو الى المحاصصة باسم التوازن في المناصب بغض النظر عن الكفاءة وهذا بدوره يصل للمحافظات بتجليات مختلفة حتى بين أطراف الكتلة الواحدة وهذا هو الاختناق الاساسي الذاتي الذي يعزز ويتعكز على الكهرباء والأمن كون هذين العاملين أصبحا البقرة الحلوب والدجاجة التي تبيض ذهبا . ولذلك سيكون التراجع أكثر وأوضح بعد زيادة التخصيصات لثلاثة أضعاف ميزانية المحافظات الهدف منها ليس التنمية بل سد ذريعة الفدرالية التي هي بحد ذاتها استثمار ولكن هذه المرة استثمار بدون فدرالية لابأس بذلك إنها صفقة ناجحة . وفي كل الاحوال فالدستور يسند ذلك ولكن بدون قوانين وآليات بديلة لتراكمات المراحل السابقة ولذلك علينا أن نعلم أنه بدون الكفاءة والعلم والنزاهة والرجل المناسب في المكان المناسب لايمكن أن تتقدم أي تنمية حتى في أصغر مؤسسة في المجتمع أو الدولة بل سيكون زيادة المال عامل دفع للتراجع والتكوص ومزيدا من الفساد وقصر النظر . فالمتنفذون غير الرسمين هم حجر الزاوية لكل الإخفاق في سياسات الموازنات وصولا للخطة المزعومة (2010 ـ 2014 ) وهي ببساطة شديدة من نتائج شركة المحاصصة التي لها أيضا لوبي المتنفذين من الخارج والداخل والمستثمرين الرسمين ويا بخت من نفع واستنفع .
فضاءات: تنمية المحافظات والمتنفذون
نشر في: 12 مارس, 2012: 08:12 م