حازم مبيضينبعد جولة المحادثات الثانية مع الرئيس السوري بشار الأسد, قال المبعوث الدولي إلى دمشق كوفي عنان, إنه متفائل, لكنه استدرك فأقر بأنه سيكون من الصعب التوصل إلى اتفاق لوقف إراقة الدماء, وسيكون الأمر شاقاً, ورغم أن الوضع سيء وخطير للغاية, لدرجة تدفع بالجميع لرفض الفشل ,
مضيفاً أن سوريا بحاجة إلى إجراء تغيير وإصلاح, وأنه ترك في العاصمة السورية مقترحات واضحة, للخروج من دائرة الصراع الذي أودى بحياة الآلاف, وكان أجمل ما صرح به أنه حث الرئيس الأسد على العمل بمثل إفريقي يقول لا يمكنك تغيير اتجاه الريح ولذا غير اتجاه الشراع. الأسد يبدو مصراً على تغيير الريح, خصوصاً وهو يشدد أن معارضيه, ليسوا أكثر من إرهابيين, ينشرون الفوضى ويثيرون الاضطرابات, ويعوقون التوصل إلى أي حل سياسي للازمة, ومع ذلك فهو مستعد لإنجاح أي جهود صادقة, لإيجاد حل لما تشهده سوريا من أحداث, ودمشق على الأرجح حين رحبت بعنان, كانت تراهن على أن المعارضة سترفض مهمته ونتائجها, ولكنها أغفلت ربما متعمدة, أنها ستجد نفسها قريباً أمام استحقاق، تنفيذ سلسلة من الخطوات الصعبة, ومنها إعادة الجيش إلى الثكنات, وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين, وصولاً إلى قرارات يبدو اليوم أنها مجرد التفكير فيها مستحيل, أو تفويض الصلاحيات الرئاسية, لكن تجاهل السلطة السورية لهذه الاستحقاقات, ربما هو ناجم عن الرغبة في تجاوز المرحلة الراهنة, وبعدها سيكون لكل حادث حديث.المعارضة حين رفضت بنزق مستعجل مهمة عنان, منحت النظام الورقة التي لعب لكسبها, فقد هاجمت مهمة الرجل قبل أن تبدأ, لمجرد أنه سيجتمع بالطرفين, ووضعت شروطاً مسبقة، تنزع من مهمته معناها, كتنحي الرئيس وتقديمه لمحاكمة دولية, وحاولت أن تفرض عليه خطواته, في البحث عن كيفية تسلمها السلطة, وإدارة المرحلة الانتقالية، ونسيت أنها ليست اليد الأعلى, وأنها مبعثرة ومتنافسة على جلد الدب قبل اصطياده, وهو ما لا يوفر لها إمكانية فرض الشروط, لكن تضخم الأنا المرضي عند بعض المعارضة, صور لها إمكانية فرض شروطها, وهي لو كانت قادرة لما كانت سوريا بحاجة لعنان ولا لمهمته. وإذ نحن في غير وارد تعليم قيادة المعارضة ما كان عليها القيام به, فإننا فقط نود التذكير بأنها كانت ستكسب الرهان لو اقتصرت شروطها على أمور إجرائية, كوقف الحملة العسكرية الأمنية ضد محافظة إدلب, والسماح لفرق المساعدات الدولية بالوصول إلى حمص, وهي بذلك ستكشف لعبة ترحيب النظام بعنان ومهمته.موقف معارضي الخارج, كما ينبغي القول يبدو عدمياً, أو أن قياداتها تنطق بلسان غير سوري, ويبدو أن ارتباطاتها المالية تفرض عليها مواقف ليست هي المطلوبة, إن كان الهدف وضع حد لمآسي الشعب السوري, الذي لا يستحق كل هذا الضنك والمعاناة, ولا يعني هذا اصطفافنا مع النظام السوري, بقدر ما يعني وقوفنا, وفي كل الأحوال, إلى جانب المواطن, الذي بات مجرد متلق للصفعات, التي لا يعرف من أي جهة تأتيه, وموقف النظام السوري يبدو عصياً على الفهم, فهو يتهم كل معارضيه بأنهم مجموعات إرهابية مسلحة, مع معرفته التامة بأن عسكرة الحراك, الذي بدأ سلمياً في درعا, أتت نتيجة حملة القمع التي مارسها بقسوة مفرطة, وإصلاحاته التي أعلنها, يعرف هو مسبقاً أنها لا تلبي مطالب المحتجين, وهو بذلك يزيد من أمد الأزمة ويفاقمها, بدل الذهاب إلى النهايات مباشرةً وحسم الامور.إن لم تتمكن من تغيير الريح فغير الشراع, وهي نصيحة عنان للأسد, يصح ويجب أن نصرخ بها جميعاً في وجه المعارضة إن كنا نحب سوريا, الوطن والشعب, وليس النظام أو المعارضة.
في الحدث: إن لم تستطع تغيير الريح فغير الشراع
نشر في: 12 مارس, 2012: 10:05 م