علي حسينأعلن أنني المدعو علي حسين صاحب هذا العمود الذي سيدخل عامه الثاني، بأنني لم أكن اعرف الديمقراطية جيدا، ولا أفهم بأنظمتها الجديدة التي تشكلت في العراق، وكنت أظن –وهذا من سوء الظن- أن العراق يعاني مشاكل كثيرة حاولت أن استغلها لصالحي، لكن تبيّن في ما بعد وبسبب قصور في النظر ظل يلازمني وأنا اكتب ما يقارب أكثر من 500 عمود،
إنني أقف وحيدا في وجه التجربة السياسية الجديدة ومنجزاتها الكبيرة التي يعرفها القاصي والداني، لأنني وبصراحة اطمح إلى أن استولي على السلطة، وهي الأمنية التي لازمتني طوال حياتي.. ولهذا أصرّ كل يوم على أن أصدّع رؤوس القراء بمقالات مغرضة عن الخراب والانتهازية السياسية وغياب الأمن والرشوة والفساد، فيما الحقيقة تقول إن كل ما نشرته في هذا العمود هو مجرد لغوٍ وبهتان تبطله الوقائع والشواهد التي تؤكد بأننا نعيش أزهى عصور الحريات المدنية والرفاهية الاجتماعية، في ظل دولة وساسة شعارهم الأول القانون ثم القانون، ولهذا أطالب الناس ألاّ يصدقوا ما كتبته خلال هذه الفترة فقد كنت -واهما– إن باستطاعتي تعطيل مسيرة التطور والتقدم التي تشهدها البلاد، وان أسيئ لمكانة العراق الجديد، من خلال سطور عملية تريد أن تحرف الحقائق وتوهم الناس بالخراب الذي يحاصرهم، بينما الواقع يقول إننا نعيش أزهى عصور البناء والتقدم، والناس تنشد لقادتها ومسؤوليها ليل نهار "بين الشعب وبينكم عهد وشفنا بعيونكم".إذن أنا رجل أسعى لتحويل الحق إلى ضلالة، واكتب ما يصادف هواي الشخصي ويوافق أفكاري وهي أفكار اكتشفت متأخرا أنها تحمل في طياتها سوء النوايا وليس سوء التقدير، وإنني متورط مع منظمات دولية عميلة تريد تشويه صورة العراق وتحريف الحقائق فتسعى كل عام لبثّ سمومها من خلال شائعات تقول إن العراق حصل على المركز الأول في الدول الأكثر فسادا، فيما الحقيقة التي أريد أن احجبها عن القارئ تؤكد بالدليل القاطع إننا حصلنا على ذهبية المدن الأكثر ازدهارا واستقرارا وأمنا. فالبلاد تعيش عصرها السعيد.. المصانع تعمل بأقصى طاقتها، المشاريع الخدمية فاقت الوصف، مراكز الترفيه والثقافة أصبحت لا تعد ولا تحصى حتى إن الزائر لبغداد يحتار أين يقضي أماسيه، بل وصل إلى علمي أن القادة العرب منّوا أنفسهم بقضاء ليالٍِ من ألف ليلة وليلة ينسون فيها البؤس والخراب والعوز الذي يعيشونه في بلدانهم. فالواقع اليوم يقول إن قادتنا استطاعوا بفضل إخلاصهم وحنكتهم أن ينقلوا هذه البلاد التي كانت تعيش على هامش التاريخ خلال سنوات قصيرة من الزمن لتصبح اليوم البلاد الأفضل في آسيا متغلبة على طوكيو ودبي.. بلاد لم تكن فيها سوى المستنقعات والفقر واقتصاد يعتمد على التسوّل من دول الجوار، حكام استطاعوا وبوقت قياسي أن يبنوا بلدا للناس وليس لأقاربهم ومقربيهم، وحين واتتهم الفرصة بنوا المصانع وطلبوا من الناس أن تعمل لا أن تهتف لهم، أغلقوا السجون السرية وفتحوا المدارس. وطبّقوا حكم القانون، فأقاموا نموذجا لبلد لا تنتهك فيه الحريات ولا تعطى الأوامر للجيش باعتقال الناس على الشبهات، لم يفضلوا طائفة على أخرى، فقط طلبوا من الجميع أن يتساووا في الحقوق والواجبات، عملوا على إنتاج مجتمع آمن ومستقر، وركزوا على الثقافة والفنون، سياسيون ومسؤولون وصفتهم السحرية للحكم تتلخص في الثقة بالإنسان، حب الحياة، السعي لمعرفة كل شيء، بهذه الوصفة استطاعوا أن يحولوا العراق من بلد معوز ومهمل إلى قوة اقتصادية وسياسية كبرى، وان يبنوا واحدة من معجزات القرن الحادي والعشرين. أيها العراقيون جميعا، يا من تنعمون بمعجزات ساسة هذا البلد، لا تصدقوا كاتبا حقودا مثلي، يرفع شعارات كاذبة، يريد أن يحتكر الحديث باسم الديمقراطية، فيما الحقيقة تقول انه يعاني سوءا في البصر والبصيرة يتطلب منه أن يدخل اقرب محل "عوينات" للحصول على نظارات وبماركة حكومية، تمكنه من كتابة عمود وطني يطلق عليه "العمود الثالث" تيمنا بالعصر الثالث الذي سيحكمنا فيه السيد المالكي الذي ينتظره الناس بفارغ الصبر.
العمود الثامن: العمود الثالث
نشر في: 12 مارس, 2012: 10:18 م