TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > منطقة محررة: عـنـدمـا يجلـس الشاعـرعلى الكرسي النازي

منطقة محررة: عـنـدمـا يجلـس الشاعـرعلى الكرسي النازي

نشر في: 13 مارس, 2012: 07:40 م

 نجم واليمن يجرؤ على تقديم نفسه بصفته شاعرا أو كاتبا، سيحصل من الجلاد، فقط على سياط إضافية، تعذيب مضاف، المهم أن ينسى السجين ما يكونه، أن ينسى السبب الذي دخل من أجله، ولأن الأمر يتعلق بسجناء رأي، بعضهم، كتّاب، شعراء،
 فأن السلطة هذه تفعل كل ما في وسعها لكي تجعلهم يعتادون على ألقاب يمنحها الجلادون لهم، في النهاية - حسب فلسفة الديكتاتور - الأمر له علاقة بمدة السجن، وسيعرف كل واحد من هؤلاء السجناء: أنه ليس الشاعر فرج بيرقدار، وليس المفكر ميشيل كيلو، وليس الكاتب عارف دليلة، أن يعرفوا أنهم شخصيات لا علاقة لهويتهم بما يحملونه من مضمون، لا علاقة لهويتهم بما يفكرون به، أن يعرفوا، أن هوية كل واحد منهم يحددها أمر خارجي فقط: البيجامة الكحلية، القميص البيج، الكنزة الرمادية، أسود الكلب، رأس الجحش، أبو رقبة..ألخ، لكن المفارقة، أن السجّان وهو يفعل ذلك، لا يدري، انه هو الآخر يتحول في عين سجينه إلى لقب وشكل ولباس: السجناء يمنحون السجين أيضاً ألقاباً، لكن الفارق، أنها ألقاب غير حيادية: ذو الحذاء الصغير الأسود اللامع (ليس سيئاً، كما يعلق الكاتب)، ذو الجزمة السميكة (بلا شك يتدرب الكاراتيه ويطبق تمارينه علينا)..الخ.في 31 مارس 1987 أعتقل فرج بيرقدار من قبل المخابرات السورية بتهمة الانتماء إلى حزب سري، وظل قرابة ست سنوات مقطوعاً عن العالم الخارجي، وفي 1993 قدم مرافعة أمام محكمة أمن الدولة العليا، ويبدو أن ترجمة المرافعة ونشرها وإذاعتها لفتت انتباه العديد من الشخصيات والمنظمات العالمية إلى أن صاحب المرافعة ليس معتقل رأي وحسب، بل شاعر وصحفي، ساهم نشر مجموعته الشعرية حمامة مطلقة الجناحين (1997) وترجمتها للفرنسية وحصولها على جائزة هلمان / هامت 1998، وجائزة نادي القلم الأميركي (1999)، بتصعيد الحملة الدولية للإفراج عنه، فرج بيرقدار يعيش اليوم لاجئاً في السويد، ليكتب كتابه "خيانات اللغة والصمت، تغريبتي في سجون المخابرات السورية" الذي صدر عن دار الجديد في لبنان عام 2006.على مدى 180 صفحة من القطع المتوسط، يأخذنا فرج بيرقدار، الشاعر والصحافي السوري المولود في مدينة حمص عام 1951، معه في رحلة السجن التي دامت أكثر من اثنتي عشرة سنة، من الصعب لمن يبدأ قراءة الصفحة الأولى من الكتاب، أن يُلقي به بعيداً، ليس لأن فرج، عرف، كيف يروي قصة تغريبته في أكثر السجون العربية رعباً ودموية، سجون المخابرات السورية، التي ربما لم ينافسها في وحشيتها "عربياً"، إلا سجون سلطة صدام حسين ربما، بل لأن من يقرأ هذه الوحشية بالذات على شكل كلمات، سيتابع ما يقرأه بإيقاع متلاحق، وبأنفاس متقطعة، يريد أن يعرف، كيف يُمكن لإنسان "شاعر" و"رقيق"، عمله الكلمات، كيف يمكن لإنسان مثله، أن ينجو  أخيراً من كماشة الوحش "البعثي"، ليس ذلك وحسب، بل يكتب كتاباً بهذا الحجم، يتحدث بلغة تقترب من الشعر، لا يصف حالات الرعب، حفلات التعذيب، وحسب، بل يروي قصصاً أخرى، قصصاً لا تخلو من مفارقة وطرافة، قصصاً يلجأ لها السجناء، لكي تبدو حياتهم "طبيعية"، وكأنهم يسيرون على خطى بيتر فايس، يخترعون "جماليات المقاومة" الخاص بهم.يتبع

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

العراق يعطل الدوام الأحد المقبل

إعادة 20 مليار دينار إلى الشركة العامة للخطوط الجوية العراقية

بعد سنوات عجاف… هور الشويجة يعود إلى الحياة من جديد

البرلمان يناقش نظام المحاولات وتدرج ذوي المهن الطبية في جدول أعمال جلسته غدًا

إيران تتعهد بتعزيز الشفافية النووية وترفض التفاوض تحت التهديد

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram