TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن:أنا والإيمو وغضب الداخلية

العمود الثامن:أنا والإيمو وغضب الداخلية

نشر في: 13 مارس, 2012: 10:43 م

 علي حسين تغضب مؤسسات الحكومة، ويصاب مسؤولوها بنوبة صراخ حادة ومزمنة  كلما اقتربت وسائل الإعلام من أبوابهم، ويعلن البعض منهم عن غضبه ودهشته لأن الناس لم تخرج إلى الشوارع تهتف له بطول العمر وأيضا بطول الرقاد على أنفاس مؤسسات الدولة، بل إن كثيرين منهم مصابون هذه الأيام بمرض "فوبيا الإعلام"، ويعبر الأكثرية منهم عن استيائهم لأن صحفيا تجرأ وكتب عن شجون وشؤون ممتلكاتهم الخاصة، بينما المطلوب منه أن يلتزم بوصايا المسؤول "حفظه الله"
 وان تضع الصحيفة هذه الوصايا على صدر صفحتها الأولى تيمّنا بما كان يفعله القائد الضرورة الذي يسعى معظم مسؤولينا إلى الاقتداء بسجله الفاضح في انتهاك حقوق الإنسان. هكذا يتعامل مسؤولونا اليوم، قدر هائل من الحدة وانفلات الأعصاب، فالمفروض أن من يحرص على العمل العام أن يكون مستعدا لمواجهة رياح النقد والهجوم من مخالفيه في الرأي، والمعترضين على طريقة أدائه الوظيفي، ومن هنا يكون غريبا أن يعتبر المسؤول كل من يعترض على أدائه وتصريحاته مجرد "كذاب" وينفذ أجندة سياسية معادية تريد التأثير على مؤتمر القمة الذي ينتظره العراقيون بفارغ الصبر أكثر من انتظارهم للأمن والخدمات والكهرباء وزيادة معاشاتهم.  كثير من المسؤولين يعتقد أن الصحافة تشوه صورته عند الناس وفي تقديري هذا كلام يعبر عن هشاشة، ومواقف ضعيفة، لماذا؟ لأن الصحف لا تصنع الحقائق وإنما الحقائق تعلن عن نفسها. اكتب هذه الكلمات وأمامي الرد الذي أرسلته وزارة الداخلية على مقالي المعنون "الداخلية شاهد مشافش حاجة".  فالوزارة تعتبر نفسها طودا شامخا لا يجوز المساس بانجازاته العظيمة، ولا يعقل في مثل هذه الحالات أن يتجرأ صحفي او أية وسيلة إعلامية على التشكيك ببيانات الوزارة لأن في ذلك ضررا وخرابا سيعم على المواطنين حسب ما جاء في رد الوزارة.ولأن الوزارة قادرة على كل شيء فهي تنفي جملة وتفصيلا كل ما يتعلق بقضية شباب الايمو مصرة على أن ما جرى هو مجرد قصص نسجها خيال متآمر لعدد من الصحفيين.أظن أن كاتِبي بيان الداخلية قد فاتهم وهم في سرعة تدبيج هذا الرد الثوري أن ينظروا إلى الموقع الالكتروني للوزارة فسيجدون أن موقعهم المبجل  نشر بتاريخ 13/2/2012 ما يلي "وزارة الداخلية تشن حملة للقضاء على الإيمو"، وهو الخبر الذي سيجد القراء رابطه في نهاية المقال، ولا أظن الوزارة ستتهمني بالكذب ومحاولة خلق قصص وهمية، فالموقع إضافة إلى هذا الخبر وأخبار أخرى تزيّنه صورة مع باب اسمه وصايا الوكيل الأقدم.  أن تعتبر الوزارة نفسها صاحبة الحقيقة المطلقة فهذا حقها الذي لا ينازعها فيه أحد، لكن حين يرى البعض أن أداء الوزارة لا يتناسب مع الحالة  الأمنية المتردية التي يعيشها العراق، فإن ذلك لا يعد من باب التجديف أو العيب في الذات العليا، فالداخلية ليست فوق النقد، لكن أن يعتبر القائمون عليها أن انتقادهم يأتي ضمن ثورة مضادة تحركها  الامبريالية العالمية فنحن هنا أمام كوميديا من طراز خاص، والأهم أنه بهذا المعيار ربما يصبح كل من يطالب بتحسين عمل مؤسسات الحكومة عميلا للصهيونية وضالعا في حرب عالمية ضد المنجزات الثورية التي قامت بها حكومتنا الرشيدة. وكنت أتمنى أن يدرك القائمونعلى عمل الوزارة المقال الذي كتبته في هذا المكان قبل أيام إنما يتحدث عن ظاهرة اقر بها البرلمان والعديد من القوى السياسية  وكان آخرها ما قاله رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي الذي اعترف بأن حالات قتل شباب الايمو قد حصلت وهو التصريح المنشور في معظم صحف اليوم.للأسف يتصرف بعض المسؤولين هذه الأيام الآن وكأنهم امتلكوا العراق ومن عليه من بشر، وجرى الأمر على أن البلد بلد المتنفذين فقط، ليجد الشباب أنفسهم في مواجهة غول ضخم يريد سلخ جلودهم، الأمر الذي لا نملك إزاءه إلا الشعور بالعار والخجل ونحن نرصد الخوف والذل في عيون شباب وشابات العراق، فيما نرصد بالمقابل نشوة الانتصار على وجوه مسؤولي الداخلية وكأنهم عائدون ظافرين بالنصر على أعتى تنظيمات الإرهاب، بما يأخذنا مباشرة إلى ذكريات أحداث سوداء عاشها العراقيون في ظل دكتاتورية صدام حين كانت القيادة الحكيمة تتلذذ بقطع رؤوس الأبرياء ورميها في القمامة.rn اضغط هنا لمشاهدة الخبرrn 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram