بغداد/ المدىقد تضطر ظروف العمل والسعي في طلب الرزق ، رب الأسرة إلى أن يهجر وطنه ويترك أسرته ويسلم قيادة هذه الأسرة للزوجة ...فتصبح الآمرة الناهية ! وما أكثر النساء اللواتي تحملن مسؤولية الأسرة في مجتمعنا ... سواء بفقدان الأب بحادث إجرامي أو بسبب ارتباط الرجل بعقد عمل خارج العراق أو لظروف قاهرة كلنا نعرفها واستطعن بفضل حكمتهن وتعقلهن أن يربين أبناءهن أحسن تربية .. وأحيانا تتعثر المرأة فتعجز عن الوصول بالأسرة إلى بر الأمان ...
والمرأة في هذه القضية من هذا النوع والزوج سائق يعمل على طريق بغداد – عمان ... وكان يسعى وراء رزقه طيلة حياته ... وقف أمام قاضي الأحوال الشخصية في البياع وقال : إن قصتي مع زوجتي تبدأ منذ أن دخلت بيتي كزوجة وهي تستحق أكثر من الطلاق ... إنها تستحق القتل !! ... أفنيت عمري في الكد والعمل ... من اجلها ومن اجل أولادها ... كانت ظروف عملي لا تسمح لي بالإقامة الدائمة في بيتي ... فهل تعاقبني هي بان تربي أولادي أسوأ تربية ؟ لقد بدأت العمل منذ أعوام سائق وفي كل سفرة أعود فيها احمل معي الزاد الوفير والكسوة الجميلة ... ولا ابخل عليهم بالمصروف ... هي تطلب وأنا أضاعف ما تطلب كي تعيش مع أولادها في يسر ، لكي لا ينحرفوا و لايشذوا ... وفي كل مره أعود إلى البيت من سفري ، كان الجيران يحدثونني عن تصرفات أولادي فأعاقبهم واهددهم ... وأنبهها الى ضرورة التشديد في مراقبتهم فلا أتمكن من التوقف عن العمل ومن أين نأكل لو توقفت ... وفي كل مرة كانت تبرر تصرفاتهم وتدافع عنهم على أنهم أفضل من غيرهم ... واحد من أصدقائي همس في أذني أن احد أولادي يبيع ما أحضر له من ملابس وأمتعة وهو يلعب القمار مع أصحابه وتبين لي صدق ما قال ... والآخر يدخل مع أصدقائه بيوت الناس ليلا لاسيما الجيران ويسرقون قناني الغاز والملابس ... واخذ كل واحد منهم يهمل دروسه ... حتى ترك الثلاثة الكبار المدرسة ... وسيلحق بهم الصغار ... وأصبح الأولاد الكبار على الصورة التي ذكرت مع رفقاء السوء يبحثون عن أي شيء يسرقونه ... إلى أن افتضح أمرهم فأصبح الناس والجيران يشتكون إلى الشرطة ... وفي كل مره تدافع عنهم وتتخاصم مع الأهل والجيران من اجلهم .. حاولت أن أعيدهم إلى جادة الصواب ... حتى أنني ضربتهم ضربا مبرحا ... ولا فائدة ... تدخين ... قمار – كبسلة ... تسكع في الشوارع ... صاروا يهربون من البيت ما أن يسمعوا بعودتي من السفر ... وهذه الزوجة الواقفة أمامكم هي السبب في المصير الذي وصل إليه أولادي ... هي أصل البلاء ... لقد سودت وجهي أمام أهلي وأمام الجيران بسوء تربيتها لهم ... لذا قررت أن أطلقها عقوبة على ما جنت من إفساد تربيتهم وأريد أن أبيع سيارتي التي اعتمد عليها في رزقي وابحث لي هنا عن عمل يدر علي ولو مصروفي اليومي ، لعلي أتمكن من تربية من تبقى من الأولاد كي لا افقد الجميع في استمراري بعملي ... بعد أن سكت الزوج ... خرجت كلمات الزوجة متقطعة وقالت: كل ما قاله زوجي صحيح ... أنا التي أخطأت في تربية أولادي ، أنا التي جنيت عليهم ... لأنني كنت اكذب كل ما يقال عنهم ، وأدافع عنهم ، وهم يتمادون في كذبهم علي إلى أن وصلوا إلى ما وصلوا إليه ... لم يكن يقصر زوجي في مصروفي ، لم يكن يبخل عنا بشيء .. لكنني ما كنت اقصد من دفاعي عنهم ، وتكذيب أفعالهم لدفعهم إلى ما وصلوا إليه ، وهل من أم تتمنى لأولادها هذا المصير ؟. هل من زوجة تعرف عاقبة تسترها على أولادها هو الطلاق وتتستر عليهم ؟ لكن تغلبت عاطفتي وتغلب حناني على عقلي فكان ما كان ... أنا أعترف أمامك يا سيدي أنني مسؤولة عما حدث ... وأنا مستعدة لفعل أي شيء كي يصفح عني زوجي ... فلو قال لي انتحري لانتحرت الآن على ألا يطلقني ! فقال القاضي للزوج ...الطلاق الذي أنت مصمم عليه ... لن يكون حلا لمشكلتك ، فقد يزيد الأولاد شذوذا لأنهم سوف يجدون مأوى جديدا غير أمهم المطلقة ... فقد يهربون منك الواحد تلو الآخر ويصبحون مجرمين خلف القضبان ولا تستطيع بعدها أن توجه إليهم تنبيها على الأقل ! زوجتك اعترفت بذنبها ... وهي تعاهدك على أن تكون زوجة صالحة كما تريد ، فلا تزد من تدمير أسرتك !... أنت كنت تلهث وراء المادة والعمل فلا تلومن إلا نفسك ، فأنت المسؤول عما جرى لزوجتك وأولادك ، صحيح أن زوجتك قد أساءت لك ولأولادك ولكن أنعفيك من المسؤولية عما حدث ؟! فالأب هو المسؤول الأول في تربية الأولاد .وأخيرا هز الزوج رأسه وهو يستمع لكلام القاضي ... ثم تصالح مع زوجته وخرجا معاً بعد أن همت الزوجة بتقبيل رأسه ويده أمام القاضي !ّ وهي غير مصدقة بأنها سوف ترجع لبيتها وأولادها !!
لا بالبال ولا بالخاطر !!
نشر في: 18 مارس, 2012: 07:15 م