TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > المايسترو .. قاسم محمد

المايسترو .. قاسم محمد

نشر في: 19 مارس, 2012: 07:01 م

علي حسينظل قاسم محمد حتى الأيام الأخيرة من حياته يؤمن بالمعنى النضالي للثقافة، معنى انتزع  فيه الحياة من الموت، فقد كان هذا الفنان والمثقف طرازا فريدا من المبدعين  الذين تتعدد مواهبهم وتتنوع اهتماماتهم.. وحين فارق الحياة  ظلت ستارة مسرحه مفتوحة لنطل منها على مرحلة مهمة وزاهية من تاريخ المسرح العراقي. 
يقف قاسم محمد على قمة هرم المشهد المسرحي العراقي جنباً إلى جنب مع إبراهيم جلال وسامي عبد الحميد وبدري حسون فريد وجاسم العبودي من الذين صنعوا حاضر المسرحية العراقية من دون أن نغفل بالتأكيد الدور الكبير الذي لعبه كتّاب من أمثال يوسف العاني، طه سالم، عادل كاظم ونور الدين فارس. منذ عمله الأول عام 1969 النخلة والجيران اختط قاسم محمد لنفسه منهجاً سار عليه وهو التطلع نحو شكل جديد للعرض المسرحي.. هذا التطلع جعل منه"شيطان المسرح"  كما أطلق عليه غائب طعمة فرمان وواحدا من ابرز الفاعلين في الحركة المسرحية العراقية.. فحين نتحدث عن المسرح يكون هو الحاضر الفاعل يقفز إلى الذهن بسرعة البرق وكان سر نجاحه الدائم حيويته وديمومته الفاعلة الحاضرة في ثنايا المشهد المسرحي العراقي التي خلق من تفاصيلها ووقائعها أشياء صارت أوراقاً ملونة في دفاتر الثقافة العراقية.منذ النخلة والجيران وأعمال قاسم محمد لما تزل تزهو في الذاكرة والعيون، فأعمال مثل حكاية الرجل الذي صار كلباً، ونفوس، بغداد الأزل، أنا ضمير المتكلم، مجالس التراث، رسالة الطير وكان يا ما كان، ولاية وبعير، والملحمة الشعبية ارتبطت بحاضر المسرح العراقي بحبل سري لا تفصله قوة مهما عظمت.قاسم محمد عندما تشاهده في الحياة أو في المسرح لا تجد ثمة فواصل كبيرة بينك وبينه، وحين يتحدث إليك يبقى الكثير من كلامه عالقاً في الذاكرة، لقد تفتح عقل هذا الفنان المثابر منذ بداياته على ثراء الشعب فأكسبه ذلك يقظة البساطة وعفوية اللمحة ودقة التشخيص وكفاية الكلمة وسعة الحركة التعبيرية فامتزجت موهبته كمخرج مع قدراته كمؤلف لتجعل منه فناناً بالكلمة والحركة.وهو كفنان استطاع أن يجعل شخصيات مسرحياته شخصيات نموذجية لا تمثل اشخاصاً بذاتهم وإنما تمثل جوانب مختلفة من النفس البشرية أو تيارات متباينة من تيارات الحياة يستوعب كل منها عدداً كبيراً من الناس إذ تعمق في تصويرها وأعطاها صفات جديدة متميزة من دون أن يقوده ذلك إلى المبالغة والتهويل، وهو لم ينقل الواقع كما تنقله آلة التصوير برغم أن موضوعاته واقعية جداً وإنما اختبر هذا الواقع وتعمق في فهمه ورسم لنا اشد جوانبه إثارة ودقة واصدر عليه حكماً قاسياً جعله موضوع السخرية والضحك. شكل حضور قاسم المسرحي والإبداعي حدثا استثنائيا في تاريخ الثقافة العراقية المعاصرة ، فهو فنان تقدمي ، وطني الاتجاه والنزعة حاول أن يجمع في أعماله ما يصل الإنسان بالإنسان على امتداد الذاكرة العراقية المشحونة بالأسى.  وأول أسباب ذلك أن أعماله  تجسد إبداعياً رؤية متقدمة ، شاملة في إنسانيتها، معبرة في خصوصيتها، واعية بحضورها التاريخي ، منجذبة الى التطلع وإلى ملامح مستقبل مشرق .. وهي رؤية بطلها الإنسان الباحث عن العدالة الاجتماعية ..وأيضا الباحث عن الأسئلة التي تحدد قيمة وجوده في هذا العالم. ويتمثل البعد الإنساني في أعمال قاسم محمد بجذرية إيمانه بالإنسان  الذي لا يكف عن العراك مع واقعه احتجاجا على حاضره ، ولا يكف عن الإيمان بالمستقبل  سبيلا للمواجهة ودليلا إلى النضال ، لذلك هي رؤية تنحاز للمعدمين الباحثين عن العدل، المؤرقين بظلم الاستبداد، مؤكدا من خلالها انحيازه إلى المعذبين في الأرض  والحالمين بتثوير العقائد  بما ينزل الطغاة من عليائهم، لذلك يغدو الوجود الإنساني  في معظم أعماله المسرحية  صراعا مستمرا بين الإنسان والظروف المحيطة به، ضد الشر وضد الظلم وضد احتكار السلطة، وضد العوز، وسعيا إلى التحرر والمغامرة  وصنع المستقبل، المهم هو السعي الإنساني الذي يعطي لوجود الإنسان  معناه ومغزاه. ***يعد قاسم محمد واحداً من أهم المخرجين المعاصرين الذين حاولوا تجديد  مفهوم المسرح العربي من خلال تلقيحه بالأشكال الفرجوية الثقافية  المأخوذة من التراث حينا ومن الحياة المعاصرة أحيان

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram