علي حسينهل يعلم رئيس الوزراء إن العمل على تحقيق رغبته بانعقاد قمة الثلاث ساعات في بغداد، قد أصاب حياة أهالي العاصمة بالشلل؟!. منذ أن أعلنت الحكومة إن خطة بغداد لحماية القمة قد أعدت بنجاح والفوضى أصابت مرافق العاصمة جميعها، ولأن الناس تعيش عصر قرارات الدائرة الضيقة فلا أحد يعرف ماذا يجري ولماذا كل هذه الضجة والرؤساء الأكارم لن يمروا في شارع من شوارع بغداد،
ودعوني أتساءل ما الذي يمنع المالكي من أن يخرج إلى شوارع العاصمة ويرى ماذا يفعل جنوده الأشاوس وكيف حولوا المدينة إلى غابة من السيطرات التي لا همّ لها سوى مضايقة الناس والتحرش بالنساء وفرض لغة التهديد والوعيد على كل من يعترض.نحن جميعا أبناء هذا البلد المسكين نعيش مع ساسة ومسؤولين أحاطوا أنفسهم ومكاتبهم بأسوار عالية وجدران عازلة يستحيل اختراقها، لا يلتقون بالناس وجها لوجه، لا يصافحونهم إلا بعد معرفة انتمائهم الطائفي، وفي مرات قليلة يقرر بعض المقربين جلب كومبارس يهتفون باسم منقذ الوطن وحامي الأمة. منذ أيام والناس تنحشر في السيارات والكيات وعلى وجوهم امارات اليأس والاحباط لايملكون سوى الدعاء على من اقترح هذه الخطة الامنية، رافعين ايديهم الى السماء طالبين من الله أن يكشف عنهم هذه الغمة التي أطلق عليها سهوا اسم قمة.هل يعلم السيد المالكي انه بسبب خطته الأمنية فأن هناك مئات من المرضى لا يستطيعون الذهاب إلى المستشفيات، وقد لا يلحقون بموعد عملية جراحية طارئة، وأن بعضهم قد يموت لأنه تأخر ساعات عن الوصول للعلاج بسبب الاستعدادات الأمنية للقمة؟. لقد كان أهالي بغداد يتوقعون أن تتحول بغداد إلى مدينة من مدن الف ليلة وليلة وان القمة العربية التي ستعقد على أرضهم بعد خصام دام اكثر من عقدين من المقاطعة ستنفض التراب عن مدينتهم وتعيد الحياة والبهجة والألوان الى شوارعها التي غطاها الحزن، فاذا الناس تصحو على مدينة طوقت بالاسلاك الشائكة والحواجز والسؤال ما الذي سيحصل علية المواطن العراقي في قمة الثلاث ساعات هذه، بالتأكيد الشيء الوحيد الذي سيحصل عليه هو تقليص النفقات وشد الحزام من اجل تسديد فواتير القمة، والتي كان من بشائرها تعطيل مصالح الناس وشل حركتهم. العراقيون يدركون جيدا ان قمة بغداد لن تختلف عن القمم السابقة، فالزعماء والقادة او من سيمثلهم سيقولون نفس الكلام، وسيملأون سماء بغداد التي تعاني عواصف ترابية بعواصف من الخطب الرنانة التي ستنقذ هذه الأمة من الهلاك والتشرذم وتوقف زحف الربيع العربي، وحتما سيضع الزعماء ومعهم السيد المالكي أصابعهم على جرح الأمة وسيلقي احد القادة خطابا تاريخيا غير مسبوق يتهم فيه شباب التظاهرات بتنفيذ أجندة خارجية تهدف إلى النيل من تاريخنا المجيد الذي بنيناه بالسيف والخيل. وسيتوحد القادة ومن يمثلهم في قرار واحد أزلي وهو الدعوة إلى تشكيل تجمع عربي يطلق علية تجمع "البقاء على مقاعد السلطة"، فكل الحاضرين باختلاف أمزجتهم هم متضامنون في هذا المعسكر ضد أي تغيير فكلهم في معسكر واحد وإن اختلفت وسائل الحفاظ على الكرسي، وهو اختلاف في درجة العشق للسلطة وليس في النوع.. بعضهم سيكون واضحا كالشمس ومتسق مع ما يقوله، فيما آخرون واعتقد منهم السيد المالكي سيرتدون مسوح الفلاسفة ويتحدثون بكلمات يتوارى أمامها جهابذة المنطق وعلماء الكلام وأساتذة البلاغة خجلا تقديري الشخصي أن العراقيين يدركون جيدا ان القمة هي مجرد مباراة في الخطب، ولكنني متأكد أن السيد المالكي لا يعلم ان الشعوب العربية ترفع اليوم أمام قادتها شعار "انقرضوا يرحمكم الله " مثلما يتمنى العراقيون جميعا أن يصحو ذات يوم فيجدوا أن سياسيي الصدفة قد انقرضوا.
العمود الثامن: المالكي لا يعلم!!
نشر في: 19 مارس, 2012: 10:33 م