حازم مبيضين يلفت النظر أن أجهزة الإعلام عربية وغير عربية, توقفت فقط عند ما ورد في بيان قمة بغداد, بشأن الوضع الراهن في سوريا, وتجاهلت بقية بنود بيان بغداد, خصوصاً ما تعلق منها بإدانة الإرهاب, ودعم الفلسطينيين والترحيب بالربيع العربي، والالتزام بالتضامن العربي، والتمسك بالقيم والتقاليد العربية النبيلة، والحفاظ على سلامة الدول العربية كافة, واحترام سيادتها وحقها المشروع في الدفاع عن استقلالها الوطني, ومواردها وبناء قدراتها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية,
والدعوة لتسوية الخلافات العربية بالحوار, ومواصلة جهود تطوير وإصلاح منظومة العمل العربي المشترك, والحث على تبني رؤية شاملة للإصلاح, تضمن صون كرامة المواطن وتعزيز حقوقه.كلام كثير ومنمق, صدر عن قمة بغداد, كالترحيب بالتغييرات السياسية والتوجهات الديمقراطية, التي رفعت مكانة الشعوب العربية, وعن نظام برلماني عربي وإدانة شديدة للانتهاكات الإسرائيلية, واعتبار المصالحة الفلسطينية ركيزة أساسية ومصلحة عُليا, والدعم الكامل لمدينة القدس وأهلها, والتأكيد على أن القدس الشرقية فلسطينية الهوية, مع ضرورة التوصل إلى حلٍ عادلٍ للصراع العربي الإسرائيلي, على أساس الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، والتضامن مع الأسرى في سجون الاحتلال, ولم ينس القادة العرب أو من مثلهم في القمة الترحيب بالتطورات في ليبيا, والتضامن مع السودان الذي انشطر إلى دولتين, وتهنئة اليمنيين على الخلاص سلمياً من رئيسهم الأسطوري, وكان الصومال حاضراً حيث تمت الإشادة بسير العملية السياسية في تلك الجمهورية, كذلك كانت جمهورية القمر حيث تبدى الحرص على وحدتها والدعوة لفتح بعثات دبلوماسية عربية فيها. تجاهل الإعلام العربي والغربي كل هذا الكلام الإنشائي, ومعظمه مستعار من قمم سبقت, وتميزت بتصرفات القذافي البهلوانية, وتصرفات مبارك الاستعلائية, وتم التركيز المكثف على ما أكدته القمة, من الدعم الكامل للتطلعات والمطالب المشروعة للشعب السوري في الحرية والديمقراطية, وحقه في رسم مستقبله، والتداول السلمي للسلطة، وإدانة أعمال العنف والقتل وإيقاف نزيف الدم، والتمسك بالحل السياسي والحوار الوطني ورفض التدخل الأجنبي في الأزمة السورية, حفاظاً على وحدة سوريا وسلامة شعبها، والالتزام بالقرارات الصادرة عن جامعة الدول العربية بهذا الشأن، ودعم مهمة عنان, والمطالبة بالتنفيذ الفوري والكامل للنقاط الست التي تقدم بها, ولعل سبب الاهتمام نابع ليس من صدقية الفقرات المتعلقة بالوضع السوري, بقدر ما هو ناجم عن اهتمام العالم الغربي بما يجري في بلاد الشام. ومع الثقة المسبقة بأن كل ما صدر عن قمة بغداد سيظل حبراً على ورق, رغم الكلفة الباهظة التي دفعها المواطن العراقي, وكان نصيبه أن تلقى في ذيل البيان الصادر عنها الشكر الجزيل على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة وحسن التنظيم، والتأكيد على أن انعقاد القمة في بغداد, هو برهان ساطع على استعادة العراق عافيته واستقراره, وتعزيز سيادته بانسحاب كامل القوات الأجنبية، مع الترحيب بعودته عضواً فاعلاً في محيطه العربي والإقليمي والدولي.مؤكد أن الشعب العراقي كان بغنىً عن هذا الشكر الإنشائي غير المجدي, وأنه كان يفضل بدل هذا الاجتماع العقيم, أن يلتقي ساسته على مائدة حوار, لا يغادرونها إلا بعد حل كل الإشكالات القائمة اليوم, والتي تكدر حياة الناس, وتعطل مصالحهم, وبديهي أن العراق لن يكون قادراً على لعب دور في القضايا القومية إن لم يتمكن قادته من لعب دور إيجابي في القضايا الداخلية وأولها المصالحة الوطنية, ولكن بغير طريقة استعادة مشعان الجبوري, ومنحه منبراً يهاجم فيه الآخرين بقصد تصغير حجمهم.
في الحدث :قمة بغداد.. سوريا والمصالحة الوطنية
نشر في: 31 مارس, 2012: 09:24 م