TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > شناشيل: اعتذار متأخر لا قيمة له

شناشيل: اعتذار متأخر لا قيمة له

نشر في: 31 مارس, 2012: 09:57 م

 عدنان حسينمتأخراً جداً جاء اعتذار رئيس الحكومة إلى سكان بغداد عمّا عانوه طيلة عشرة أيام بذريعة اجتماعات القمة العربية، فهذا الاعتذار غير كافٍ ولا ذو قيمة مادية أو معنوية تعوّض عمّا تكبده سكان بغداد وزوّارها من معاناة شديدة، ذلك أن الاعتذار جاء بعد فوات الأوان تماماً، وكان يمكن في الأساس تجنّبه.
الرئيس نوري المالكي وصف ما تحمّله البغداديون بأنه "مضايقات وإجراءات أمنية". هذا في الواقع توصيف مخفف للغاية بل انه ينطوي على قدر من التضليل. وإذا كان السيد المالكي لا يعرف ما الذي حدث بالضبط وما حجم المعاناة أتطوع هنا لعرض ملخص مختصر.ظلّ مسؤولون أمنيون في العاصمة يؤكدون عشية القمة أن خطة أمنية مُحكمة قد وُضعت لضمان أمن القمة والمشاركين فيها. وتقبّل الناس الإجراءات المشددة التي أُتخذت عند نقاط التفتيش في هذا الإطار، وتوقعوا ألاّ تتجاوز هذه الإجراءات التفتيش الدقيق الذي أدى في الغالب إلى أن تستغرق عملية عبور كل نقطة تفتيش ساعات عدة. وقد تجرّع الناس الكأس المرة عند نقاط التفتيش مطمئنين إلى أن ذلك هو ذروة ما تتضمنه الخطة الأمنية "المُحكمة"، خصوصاً وان المسؤولين الأمنيين أكدوا مراراً أن خطتهم لا تشتمل على إغلاق شوارع وجسور وساحات، بل إنهم نفوا المعلومات عن فرض حظر للتجوال.لكن الذي حدث انه بالفعل أُغلقت شوارع وساحات وجسور في قلب بغداد على مدى أسبوع كامل، بعضها بعيد عن مراكز نشاطات القمة، بما فيها الفنادق، فعلى سبيل المثال لم يكن هناك أي مبرر لإغلاق شارع النضال والطريقين المؤديين من طريق محمد القاسم السريع إلى كل من ساحتي الأندلس والطيران. أكثر من هذا أن حظراً شاملاً للتجوال قد فُرض طوال يومي 28 و29 آذار بخلاف التصريحات النافية.بالحق كانت تصريحات المسؤولين الأمنيين تضليلاً صريحاً وكذباً سافراً، وكان يمكن ببساطة إبلاغ الناس بإغلاق الشوارع والساحات لكي يتجنبوها ويجدوا لأنفسهم طرقاً بديلة، وإعلامهم بحظر التجوال لكي يهيئوا أنفسهم له وبإغلاق شبكات التلفون المحمول كيما يتدبروا أمورهم.علاوة على هذا كله فان تعامل عناصر الأمن عند نقاط التفتيش اتسم في الغالب بالسماجة، بل كان في بعض الأحيان مبالغاً في قسوته، فهؤلاء العناصر لم يكونوا يراعوا أن بين من يمرون بهم شيوخاً ونساءً وأطفالاً، وان هؤلاء الناس ليسوا إرهابيين وإنما هم مواطنون صالحون  كفل الدستور حقوقهم وحرياتهم ومنع الدستور انتهاكها.إجراءات القمة انطوت على تجاوزات كبيرة على هذه الحقوق والحريات، وحتى على مصالح الآلاف ممن أرغموا على إغلاق مصادر رزقهم .. موظفو الدولة مُنحوا إجازة مدفوعة الأجر، لكن أنّى لأصحاب المصالح الخاصة والعمال المشتغلين معهم لأن يُعوضوا عن خساراتهم؟ خصوصاً وان الكثيرين منهم يؤمنون حياتهم وعوائلهم من أعمالهم اليومية كسواق التاكسي وباصات النقل العمومي وأصحاب الدكاكين والبسطيات وسواهم.لو كان الذين وضعوا الخطة الأمنية قد أبلغوا سكان بغداد وزوارها بالإجراءات المزمع اتخاذها بالضبط، على صعيد إغلاق الشوارع والساحات والجسور وحظر التجوال (في يومي 28 و29 آذار) ما كان رئيس الوزراء سيحتاج إلى تقديم اعتذار متأخر لا نفع منه ولا جدوى.ليست مُحكمة هي الخطة التي تُغلق الشوارع والساحات وتحظر التجوال، بل هي خطة فاشلة لمخططين فاشلين اعتمدوا أسهل الحلول وأيسرها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

جلسة "القوانين الجدلية" تحت مطرقة الاتحادية.. نواب "غاضبون": لم يكن هناك تصويت!

القانونية النيابية تكشف عن الفئات غير مشمولة بتعديل قانون العفو العام

نيمار يطلب الرحيل عن الهلال السعودي

إنهاء تكليف رئيس هيئة الكمارك (وثيقة)

الخنجر: سنعيد نازحي جرف الصخر والعوجة

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram