عالية طالبقضيت ثلاثة أيام في مدينة النجف الشرف ، تشربت فيها رئتاي وتبقعت فيها ملابسي وتخشب شعري، والتهبت عيناي، وتيبست بشرتي، ومشيت فيها أميالا لم أخطها منذ أشهر ، كل هذا الهناء جاءني بسبب اليافطات العديدة التي امتلأت بها شوارع المدينة وهي تشير إلى أن النجف عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2012
والذي تم الغاؤه او تأجيله " الله أعلم" لاسباب قد لا يسعها عمودي هذا. المدينة اغلب شوارعها تم قلعها من اجل عمل مياه الصرف الصحي والتي كما قيل أعطيت لشركة ما منذ أكثر من عام ثم جاءت الشركة التركية لتكسي الشوارع فاعترضت على أعمال شركة الصرف حسبما نقل الإعلام وطالبت بإعادة العمل لأنه غير جيد ، ثم توقفت أعمال الشركتين بانتظار من نحتكم إليه ليحل المعضلة !! وكل ما حصلت عليه المدينة هو إكساء شارع " الروان" في حي الأمير بطابوق الأرصفة بدلا من الإسفلت ومعروف أن المدن التي تتعرض لسقوط الثلوج تكسى شوارعها بالطابوق لتفادي الانزلاق فأية ثلوج تنزل في النجف لنجعل شوارعها تصدر أصواتا عند حركة العجلات وكأننا في " منخل" !! تجولت في حي الزهراء والأمير والشارع المؤدي إلى الكوفة وتلوثت بكل أنواع الغبار والأطيان والحفر والمطبات وحمدت الله على أن الفساد حفظ ماء وجه المدينة من إقامة الملتقى حتى لا نكون مدعاة لضحك امة الإسلام علينا ونحن نعلن استعدادنا لإقامة ملتقاهم في شهر آذار بكل قوة واقتدار تليق بيافطاتنا المرحبة بعاصمة الثقافة وتتوسطها يافطات اخرى لصورة "المحافظ" الذي من المفترض انه هو اول المسؤولين عن حجم الخراب الهائل الذي يضرب شوارع المدينة كالزلزال .وحين هربت من كل ما أرى وتوجهت لزيارة الأمام "علي" " ع" كان علي أن اركن سيارتي قبل كيلومترات من المكان أو أدور حول الشارع الحولي الذي يحيط المدينة واصعد من منطقة بحر النجف إلى المرقد، ولأنني لم أكن ادري بما ينتظرني من مفاجأة فقد فضلت الخيار الثاني ، وهنا انهارت رئتاي اللتان تشبعتا بالغبار النجفي بعد أن أجبرت نفسي على ارتقاء سلالم تزيد على عشرة طوابق للوصول من بحر النجف إلى الشارع المؤدي للمرقد الشريف !!وحين وصلت إلى آخر نقطة في القمة رثيت لحال كبار السن والأطفال والعجائز وهم يسحبون أجسادهم بأنفاس متقطعة في مدينة خصص لها 200 مليار لتهيئتها كعاصمة ثقافية فما عرفت كيف توفر سلما كهربائيا أو مصعدا ينقل زائريها من بحر النجف إلى المرقد ، وما عالجت تخسفات شوارعها وسوء أعمال صرفها الصحي ونفاياتها التي أيضا كلفت بها شركة تركية أثبتت فشلها في العمل وكأن نفايات المدينة ومجاريها واكساء شوارعها معضلة لا يمكن حلها الا بتوزيع صور المحافظ واسمه على أرجاء المناطق لنخفف عبء تعب السكان والزوار بمجرد النظر إليه وهو يرقبنا بنظرة عبوس تقول لماذا تنتقدون مدينة تأمر الفساد على تأجيل الاحتفاء بها وحسنا فعل !! وان كنتم لا تصدقون فما عليكم إلا زيارتها لتروا حجم الزلزال الذي ضربها والعياذ بالله .
وقفة: "النجف" عاصمة الثقافة الغبارية
نشر في: 1 إبريل, 2012: 07:57 م