وديع غزوانعقد رئيس مجلس الوزراء الاتحادي نوري المالكي أمس مؤتمراً صحفياً تحدث فيه عن جملة من القضايا التي تهم الشأن العراقي والعربي بعد انفضاض اجتماع قادة وممثلي الدول العربية في قمتهم الدورية في بغداد ، كما أجاب على أسئلة الصحفيين التي تركزت في الأعم الأغلب على قضية المؤتمر الوطني المزمع عقده كما تشير الأخبار في الخامس من هذا الشهر .
رئيس الوزراء حاول أن يبدو هادئاً وواثقاً جداً من وجهة نظره بشأن القضايا الخلافية التي تأزمت بشكل حاد ليس مع العراقية فقط بل مع إقليم كردستان أيضا ، وأشار بإيجابية إلى أن الدستور هو الحكم والفيصل في معالجة المشاكل التي أوضح أنها تشمل قضايا سياسية ودستورية كالمادة 140 ومدى قانونية من يتمسك بها وآخرون يصرحون بأنها ماتت !! وأعلن بصراحة أكثر وجود مشاكل بين الحكومة ومجلس النواب بشأن عدد غير قليل من مشاريع القوانين كالنفط والغاز والعفو العام ومشاكل تخص السلطة القضائية . لسنا هنا في معرض التفصيل والتحليل عند كل فقرة سلط فيها المالكي الضوء في هذا المؤتمر والتي قد نتفق معه في بعضها ونختلف في أخرى ، غير أننا سنتوقف عند تركيزه على الدستور ومدى صلاحيته لحل الإشكالات المتشابكة بين دولة القانون على وجه التحديد وأكثر من طرف سياسي بمن فيهم متحالفون معه في تكتل واحد . ونعتقد ، بحسب فهمنا المتواضع ، أن رئيس الوزراء أراد أن يوصل رسالة واضحة لا لبس فيها إلى الأطراف الأخرى أن التوافقات لا محل لها في تسوية القضايا الخلافية عندما نركز على الدستور ، وهو يعرف جيداً أن هذا موضوع لا يختلف فيه أحد من الكتل سواء التحالف الوطني نفسه أو الكردستاني أو العراقية ، غير أن أسّ المشاكل هو التباين في تفسيرات مواد الدستور وتمسك كل طرف بوجهة النظر التي يرى أن فيها دون غيرها معالجة كل الإشكالات وعدم تنازل أي واحد منهم عن مقترحاته التي يراها أيضا متوافقة والدستور الذي يعلم رئيس الوزراء المالكي أنه " حمّال أوجه " .ولعلنا لا نأتي بجديد إذا ما قلنا إن الجميع بمن فيهم دولة القانون طالبوا منذ فترة بتعديل بعض مواد الدستور وشكلت لجنة بحسب معلوماتنا لدراسة الموضوع لكن أعمالها شبه مجمدة أو مشلولة تشابه أعمال لجنة تنفيذ المادة 140التي وضعت لها التخصيصات المالية وباشرت أعمالها وما زالت، مما يثير غرابة طرح البعض موت المادة 140 ،ولا ندري كيف تموت فقرة في دستور ما زال البعض يدّعي العمل في ضوئه أم أنه أيضا مات !! ولا نريد أن نذكّر رئيس الوزراء بعدد المرات التي تم فيها تجاوز الدستور على وفق التوافقات ، التي يرى البعض اعتمادها عندما تتوافق ومصالحه وينتقدها عندما تعارضه وهي مشكلة أغلب الكتل وليس دولة القانون فقط .نتمنى أن يعلو صوت مصلحة العراق أجواء المؤتمر أو الاجتماع الوطني ، كما يحلو لرئيس الوزراء تسميته ، غير أن هذا يتطلب قبل كل شيء مرونة يبتعد فيها الجميع عن النظرة الضيقة والبدء بمناقشة جادة لأوراق كل كتلة بعيداً عن المواقف المسبقة أو عقد الماضي . لم يبق وقت لمناقشة ما طرحه نوري المالكي من أفكار بشأن العلاقة بين المحافظات والمركز والإقليم لكننا يمكن أن نقول أليس من باب الشراكة الوطنية الحقة أن يؤخذ رأي الأطراف الأخرى عند اتخاذ موقف من قضايا حساسة وعدم انفراد جهة واحدة به كموضوعة الفيدراليات التي طالب بها بعض مجالس المحافظات وهي أيضا مادة دستورية ، قد نختلف أو نتفق مع الحكومة على أن وقت إعلانها لم يئن بعد .
كردستانيات :ليست المشكلة في الدستور !
نشر في: 2 إبريل, 2012: 08:39 م