سرمد الطائيبعض منجزات 25 شباط العام الماضي ومظاهراته، كان تأجيل العمل بقانون التعرفة الكمركية الذي كان يفترض ان يطبق مطلع آذار من العام الماضي. والحقيقة ان تلك الايام شهدت العديد من "التنازلات الحكومية" التي لا تخلو من الطرافة. ولكن وقبل ان اسجل بعض الملاحظات على ما سيحصل بعد 60 يوما،
والاختبار الذي يفترض ان تتعرض له جيوب العراقيين، فإنني لا امتلك القوة على مواجهة اغراء الاشارة الى خبر يتعلق بالسيد ابراهيم الجعفري و"المؤتمر الوطني" المزمع عقده بين كبريات كتل البرلمان لحل حزمة الازمات المتلاحقة في البلاد.وكل تصريحات الحكومة فيما يتعلق بالاوضاع الداخلية متفائلة للغاية لأن فريق رئيس الوزراء يعرب عن شعوره بالانتشاء حيال عقد القمة العربية 30 مرة كل ساعتين عبر وسائل الاعلام. فالكهرباء وضعها "جيد" والمسؤولون يأملون في تصديرها العام المقبل دون ايضاح تفاصيل حصول هذه المعجزة الوشيكة. وقوات الامن تتحدث عن ازالة السيطرات او تقليصها رغم انني علقت مع الاصدقاء 5 مرات خلال اليومين الماضيين، ومكثنا في احداها ساعتين حتى اننا تناولنا الطعام وشاركنا في تغطيات تلفزيونية عبر الهاتف وذهب احد الزملاء لقص شعره وعاد سالما الى السيارة، خلال تواجدنا في السيطرة، ومن حق من لم يجرب ذلك ان يكذبني طبعا.ووسط هذه "النشوة" يقول بيان رسمي ان سفير بريطانيا التقى السيد ابراهيم الجعفري وتباحثا بشأن عقد المؤتمر الوطني. البيان خلا من الجمل التي اعتدنا سماعها من رئيس الوزراء السابق بما فيها من غموض وتمنطق وتحذلق.. وجاءت المفردات سلسلة على غير العادة فالسيد الجعفري اكد لسفير لندن ان كل الاستعدادات قد تمت لعقد اللقاء الناجح بين قادة الكتل. ولا ادري عن اي استعدادات نتحدث ونحن نشهد خصومة غير مسبوقة داخل ائتلاف الحكومة. ففي العادة كان التحالف الشيعي يستعين بالكردستاني لحل مشكلة مع التحالف السني. او العكس. لكن المشكلة اليوم تكبر بين كل التحالفات، ولأول مرة في تاريخه السياسي، يقوم رئيس الوزراء بإطلاق النار على كل الأطراف.وبعيدا عن التفاؤل هذا او التصريحات المنتشية الأخرى، يقول مسؤول رفيع في وزارة التخطيط في خبر جعلني افزع، ان قانون التعرفة الكمركية على السلع المستوردة سيطبق مطلع حزيران. ولمن لم يتابع هذا الملف العام الماضي فإن القانون فرض مثلا ضريبة 100% على الدخانيات والمشروبات الروحية والعطور. ونصفها على الملابس والاطعمة المستوردة. بل ان الزملاء اكتشفوا اثناء عرض صحفي لمضمون القانون ان "افخاذ الضفادع" ستلحقها ضريبة بنسبة 120% خشية ان يأتي آسيويون كثيرون الى بلادنا ويأخذوا باستيرادها من الصين.وباعتبار ان 99% من بضائعنا مستورد فإن الخبراء اجمعوا على ان الاسعار ستلتهب وستشهد "هبة" بتشديد الباء. فمع مطلع حزيران سيتعين عليك دفع 4 دولارات لعلبة التبغ التي تشتريها اليوم بدولارين. وقل مثل هذا عن كل شيء حولك.اما الطريف في الموضوع فهو هدف الضريبة هذه. اذ ان القصد هو دعم المنتج الصناعي والزراعي، عبر رفع سعر المستورد لفتح الطريق امام المحلي. وحين سألنا نخبة من الصناعيين والمزارعين في العراق عن هذا سخروا من الموضوع برمته. اذ ان مشكلتنا لا يحلها مجرد رفع سعر المستورد، اذا لم يجر توفير الطاقة الكهربائية والتأمين السلس على البضائع واتاحة التسهيلات المصرفية والقروض لتطوير المشاريع في البلاد. وحتى توفير تلك الاشياء التي لن تتوفر الا بعد سنوات من الانجاز المفترض لحكومتنا الموهوبة، فإن نتيجة القانون الجديد هي خواء جيوب الناس بسبب رفع سعر المستورد، وعدم تعويضه بمنتج محلي مستحيل لانه يفتقد للطاقة والشروط المالية وسواها.الحكومة تنازلت كثيرا للناس اثناء احتجاجات العام الماضي، حتى ان السيد نوري المالكي قام بخفض مرتبه مرتين واحدة في شباط وثانية في آذار. والسادة النواب قاموا بإلغاء المنافع الاجتماعية لكل الرئاسات. والسيد الشهرستاني اعلن اعفاء معظم العراقيين من فواتير الكهرباء. وضمن هذا جرى تجميد الضرائب على الاستيراد. لكن هذه المكاسب كما يبدو تتبدد واحدة تلو الاخرى، سرا وعلانية. وكل فريق الحكومة بما فيهم السيد الجعفري، يشعرون بنشوة كبيرة بسبب القمة، اذ ان جيوب كل زعماء العملية السياسية، لن تواجه اختبارا كالذي ستواجهه جيوب الاهالي من كل مكونات العملية السياسية ذاتها.
عالم آخر: الضرائب قادمة.. حضروا جيوبكم
نشر في: 2 إبريل, 2012: 09:38 م