أحمد عبد الحسيناشتعلتْ معركةُ النفط، سهلٌ جداً للنفط أن يكون وقوداً لمحرقة كبرى لأنه سريع الاشتعال، لكنْ سيعمد السياسيون كعادتهم إلى إظهار أنها معركة سياسيّة ذات مخارج ومداخل قومية أو عقائدية، مع أن الأمر لم ولن يكون كذلك، إذ كلّ معارك السياسيين من أجل المكاسب لا غير،
بالضبط كما كانت حربنا الطائفية التي امتدّتْ لسنوات معركة من أجل المال الآتي من تحديد مناطق النفوذ في بغداد وسائر المحافظات "مختلطة الانتماء العقائديّ"، لكنّ سياسيي الفرقتين أوحوا لجماهيرهم أن المعركة طائفية، والجماهير مستعدة لتصديق كلّ شيء حتى لو كان خبراً عن طيران الفيلة.لكنّ الفيلة ستطير بعد أيام، سنراها في سماء العراق، لأن الجماعة باشروا تركيب أجنحة لها، اتهامات الشهرستاني للكرد بتهريبهم النفط لإيران، ردّ عليها الكرد أمس بأحسن منها فاتهموه بتهريب النفط إلى إسرائيل "قال النائب فرهاد الأتروشي إن النفط أصبح سلاحاً يستخدم في الخلافات السياسية، وإن مسؤولين كباراً في وزارة النفط يقومون بتهريب 15 ألف برميل يومياً إلى إسرائيل عبر ميناء العقبة في الأردن، ونمتلك تقارير كاملة بتلك العمليات".مرّ زمان طويل لم نسمع فيه شعار "نفط العرب للعرب" الذي رفعه نظام البعث قديماً ثم تمّ تخفيفه والتقليل من حمولته القومية الفائضة فأصبح لاحقاً "نفطنا لنا"، ليُشرك البعثُُ مشكوراً الكردَ وسائرَ القوميات العراقية الأخرى في نفط العراق "يُشركهم في الشعار على الأقل" بعد أن كان من حصة العرب وحدهم!لكنّ العراقيين عرباً وكرداً لم يروا من النفط سوى حرائق ودخان الحروب التي خيضتْ من أجله، فلا نفط العرب للعرب، ولا نفط الكرد للكرد ولا نفطنا لنا.نفطنا لم يزل ليس لنا، نسمع عن زيادات خرافية في الإنتاج والتصدير، وعن مليارات تُصرف هنا، ومليارات أخرى تُسرَق هناك، مليارات يهرب بها وزراء ولا يعودون، ومليارات تلقى في قمامة مشاريع وهمية، ومليارات يضيع دمها بين القبائل ليفتح تحقيق حولها ثم ينسى التحقيق وتُنسى المليارات، هكذا نستثمر نفطنا، هذه هي خططنا الستراتيجيّة للإفادة من هبة الله لنا نحن العراقيين.إذا صدّقنا هذه الاتهامات فسنجد أن نفطنا لإيران وإسرائيل أكثر مما هو لنا، نعرف أن أحزاباً هرّبتْ النفط إلى أن ملّتْ واستُخدم المالُ السحت لتقوية شوكة هذه الأحزاب، ونعرف سياسيين أصبحوا أباطرة نفطيين، ونعرف أن بعض هؤلاء الأتقياء كلما رفع يده بالدعاء أثناء الصلاة وقع عليه برميل نفط، ونعرف أن ثروتنا مهدورة في يد أناسٍ لا يشبعون ولا يقنعون، ونعرف أن المقادير التعيسة ورّطتنا ورطة كبرى مع هؤلاء القادة، ونعرف أننا نتحمل وزرنا لأننا بجهلنا صدّقناهم وانتخبناهم ورفعناهم على رؤوسنا، ونعرف أن جهلنا لم يزل مقيماً وسنصدّقهم وننتخبهم ليسرقونا ثانية وثالثة ورابعة إلى أبد الآبدين. آمين.
قرطاس: نفطنا لنا!

نشر في: 3 إبريل, 2012: 08:18 م