TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > تحت الضغط العالي: الصدفة والدستور.. شكراً

تحت الضغط العالي: الصدفة والدستور.. شكراً

نشر في: 3 إبريل, 2012: 08:51 م

 قيس قاسم العجرشاكتشفنا بالصدفة أن هناك منعاً حكومياً وبرلمانياً "تعاضدياً" للتظاهرات المنددة بحكومة البحرين وقمعها لتظاهرات شعبها أثناء انعقاد قمة بغداد. هذه هي الإساءة الأكبر التي تصدر تجاه القضية البحرينية من  جانب الحكومة العراقية وبرلمانها الذي اتفقت مع لجنته الأمنية بما يخالف الدستور جهاراً نهاراً ، هكذا.
فوق هذا، مسؤولون حكوميون قالوا :إن شعبنا بدأ يتفهم أسباب منع التظاهرات لإنجاح القمة التي هي قمة لكل العراقيين وليست لرئيس الحكومة أو طرف سياسي بعينه، حسب قول وزير الخارجية الذي أكده ايضاً النائب حاكم الزاملي.لنتذكر هنا ابتداء إن البحرينيين المنتفضين بالتظاهر السلمي والذين خرجوا طلباً للحرية لم يحسبوا في حساباتهم الاتكال على تظاهرات "مرضي عنها" يجري تسييرها في العراق.البحرينيون خرجوا بأنفسهم وتلقوا العواقب وحدهم ومن أجل بلدهم ومستقبل أبنائهم، فلا منـّة ولا فضل لأحد عليهم ، لا الأمم المتحدة ولا العراق ولا إيران ولا سوريا ولا أحد بإمكانه أن يدعي البطرياركية عليهم.لكن عراقياً للأسف، كانت هذه أول إشارة رسمية الى أن  كل التظاهرات التي خرجت لنصرة البحرينيين إنما كانت تظاهرات متفق عليها بين الحكومة والبرلمان أو على الأقل الجهة التي اتفقت وقبلت إرجاء التظاهرات لخاطر عيون القمة.سنعرف أيضاً (استنتاجاً) إن التظاهرات الحقيقية هي فقط تلك التظاهرات التي تترصد لها الحكومة وتضّيق عليها وتعطيها فسحة من الوقت لا تكفي لأي نشاط ! يعني، إذا ما صادفتكم تظاهرة ومعها إقفال للشوارع ومنع للناس أن تصل إلى مكان التظاهرة إلا بشق الأنفس وإجبارهم على السير لساعات طوال وإجبارهم على ترك قناني الماء قبل الوصول إلى مكانها تحت الشمس فأعلموا أنها تظاهرة حقيقية لا ترضى الحكومة عنها.. تذكروا ..لم يتحدث الدستور ابداً عن "رضا" الحكومة قبل محاولة للتعبير عن الرأي. ثانيا، لم يكلف أحد نفسه العناء ويخبرنا أن هذا القرار الحكومي البرلماني المشترك قد خرج تحت أي بند من الدستور وتحت أي صلاحية للجنة الأمن والدفاع البرلمانية كي تنقض ركناً في حق التعبير؟وأما الإساءة إلى شعب البحرين فهي بالقول علانية إن هذه التظاهرات المناصرة قد مولتها وأمرت بها إرادة الحكومة وأطراف متفقة معها في البرلمان ، أي بعبارة أخرى هي ليست فعلاً عفوياً أقدم عليه العراقيون كما أقدموا على تظاهرات شباط من عام 2011 وقبلها تظاهرات الكهرباء في البصرة عام 2009 التي دفعت الحكومة آنذاك الى التضحية بخروف حكومي مزمن من صنف التكنوقراط.حتى وإن كان هنالك تعاطف عراقي شعبي مع قضية البحرين ، فقد ضاع وسط الاعتراف الحكومي بتسيير التظاهرات.نشكر الصدف التي جعلت الحكومة ومن في برلمانها يخرجون لنا بهذه المعلومات التي ستسعد كثيراً من ينوي في وزارة الداخلية أو الأجهزة  الأمنية مستقبلاً أن يمنع تظاهرة أو أن يضع لها شروطاً تفرغها من محتواها وغير بعيد عن  يومنا هذا حين خرج رئيس الوزراء بمقترحه الشهير بأن يتظاهر المتظاهرون في ملعب الشعب! أو متنزه الزوراء! حصراً وربما هناك من اقترح على الحكومة تخصيص "جملون" كبير لحشر المتظاهرين فيه ومنحهم "حرية التعبير" لكن داخل الجملون فقط!لنتصور مدى الترف الديمقراطي هذا الذي تعيشه الحكومة.هذه خلاصة الدرس الأمني الذي خرج به الجهاز الحكومي من قصة القمة والتظاهرات والربيع العربي الذي طردناه من الحدود.الحكومة على استعداد أن تفرغ بغداد من الناس وتفرغ الدستور من حبره فتصدق تسميتها بأنها مدينة آمنة تحت ظل دستورها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram