 هاشم العقابيعندما كتبت قبل أيام عن علاقة الكذب بالطغيان، اغتاظ بعض القراء وجاءت ردودهم غاضبة بعض الشيء. سبب الغضب هو أن السيد المالكي اعتذر للعراقيين عما سببته لهم الإجراءات الامنية من متاعب. نسى هذا البعض، وللأسف، ان الاعتذار شيء وقول الصدق شيء آخر.
 كان مكتب رئيس الوزراء وكذلك وزارة الدفاع وبعض من ناطقي الأجهزة الأمنية قد برروا أسباب قطع الاتصالات الهاتفية أيام قمة بغداد بأنها تقنية وليست أمنية. علينا؟ نعم اعتذر المالكي لكنه لم يقل لنا: أن من قال لكم ان قطع الهواتف كان فنيا، قد كذب، لأننا نحن من أمر بقطعها. مربط فرسي كان البحث عن الصدق وليس الاعتذار مثلما كان داخل حسن قبلي  يبحث ويستغيث:ادور اعله الصدك يا ناس  ضاع وبعد وين الكاهاستمعوا للآهات التي تقطع قلبه لوعة وهو يغنيها. انها آهات شعب مكذوب عليه. والمكذوب عليه كالمغلوب على امره لا يجيد غير الأنين.وبقدر ما لوّع الكذب العراقيين، تجد صاحبك حين يكلمك بأمر جاد يسبقه بسؤال: تريد الصدك؟ وقد تستغرب اذ ليس من المعقول ان ترد عليه: لا، اني اريد الكذب. الحقيقة هي ان صاحبك لم يسألك عن بطر او اتى سؤاله من فراغ، كما يقولون. سألك لانه يعرف انك مثله، كعراقي، عانيت ما عنيت من الكذب، فاراد بذلك ان يتفضل عليك فيرحمك بان يخيّرك ان كنت تريد الصدق أم لا. وقد يكون هذا هو سبب عدم استغرابنا من رياض احمد عندما يناشد من يحب: "اتريد الصدك لو لاله".والحبيب قد لا يحتاج ان تخيّره ما بين قول الصدق والكذب. فقد يكون كذابا بطبعه او بحبه أيضا فلا يروق له الصدق. وهنا لا تتردد في ان تناديه "چذاب" لكن بمحبة. ولكي تقولها بود فانك تحتاج ان تمتلك روحا مثل التي عند الشاعر زامل سعيد فتاح. وانامل مبدعة مثل التي عند الملحن طالب القرغولي، وصوتا مثل صوت ياس خضر الشجي. فإن امتلكتها غن للحبيب وعلى مسؤوليتي:چذاب .. دولبني الوكت بمحبتك چذابروحي تمرمرت من عشرتك چذابوتريد ارد .. انوب الك .. لا ما ارد كلشي انكضه ولو صرت بس انت الدوه .. لا ما ارد وانسه المضهچذاب .. چذابولكثرة ما ابتلى به العراقيون من الكذب صاروا يسخرون منه ويقابلونه بالضحك على قاعدة "ان شر البلية ما يضحك". فاهل العمارة، مثلا، والذين بعضهم يلفظ الصدق "صكد"، خاصة النساء منهم، يتندرون بنكتة عن طبع عند ابناء عشيرة من عشائرهم. فهؤلاء حين يستضيفك احدهم يروي لك حادثة ما ليشغلك بها من الصباح حتى المساء. لكن عند منتصف الليل، وانت نائم، يوقظك ليقول لك: فلان، اتريد احچيلك الصكد؟  فيرد أهل العمارة بلهجتهم الجميلة: چا ولك شچنت تحچي من الصبح ليجاي؟rnحسجة:قال الامام علي: "الإيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرك على الكذب حيث ينفعك".