رفعة عبد الرزاق محمدفي حوار ممتع مع الاستاذ باسم عبد الحميد حمودي عن الكتب والمكتبات القديمة ببغداد ، ودورها الثقافي والحضاري الرائد ،انجر الحديث الى فكرة اقامة المعارض الخاصة بالكتب وبواكيرها في العراق الحديث ، وهذا ما أثار كاتب هذه السطور على البحث عن الأمر.
ولعل التفكير باقامة معارض الكتب في بغداد لم يبدأ الا بعد ان اصبحت تجارة الكتب تقوم على اسس تجارية صحيحة .فلم تعرف بغداد او اية مدينة عراقية اخرى معرضا للكتب والمطبوعات الا بعد ان سعت بعض المؤسسات الثقافية الى عرض انشطتها للجمهور ، كما لم يكن من اقامة المعارض اي غرض تجاري .... ففي عام 1938 اقامت مديرية الآثار العامة معرض المخطوطات العربية في متحف الآثار الاسلامية في خان مرجان ،وهو اول معرض للكتب يقام في بغداد ، حتى ان المعرض الصناعي والزراعي سنة 1932 لم يضم معرضا للكتب على الرغم من تنوع معروضاته . وفي سنة 1947 اقام المعهد الثقافي البريطاني معرضا للكتب الانكليزية الحديثة في العلوم والاداب والفنون كافة . وقد لقي اقبالا كبيرا ، ثم اقام المعهد المذكور في سنة 1954 معرضا للكتب الانكليزية التي تبحث في الموضوعات العراقية منذ بدء الطباعة حتى العشرينيات ، وقد استعان المعهد بعدد من المكتبات العراقية العامة والخاصة كمكتبة المتحف العراقي ومكتبة توفيق وهبي المؤرخ والوزير الكردي ،ومكتبة يعقوب سركيس المؤرخ الكبير ومكتبة بهاء الدين نوري المترجم والعسكري . وكانت اقامة هذا المعرض الفريد من نوعه ، مناسبة طيبة لاطلاع المترجمين العراقيين على جملة صالحة من الكتب المطبوعة قديما وتبحث في تاريخ العراق واحواله المختلفة . وكانت احدى دور النشر البيروتية ، وهي ( دار الكشاف ) قد اقامت معرضا للكتاب اللبناني منذ ظهور الطباعة في لبنان في اواسط القرن الثامن عشر حتى سنة 1949 التي اُقيم فيها المعرض، ولاريب ان صلة صاحب الدار فؤاد حبيش بالعديد من ادباء وكتاب العراق كانت دافعا لإقامة المعرض ، كما انه كتب في جريدته (المكشوف ) ان الاستاذ رفائيل بطي كان محرضاً على قيام المعرض . ثم شهدت بغداد بعض المعارض الكتبية المتخصصة الاخرى . فعندما اُقيم المهرجان الالفي لابن سينا في العشرين من اذار 1952 ، اقامت مديرية الآثار العامة معرضا لكتب ابن سينا المخطوطة والمطبوعة وما كتب عنه بمختلف اللغات . وقد نال المعرض اعجاب العلماء والكتـّاب والصحفيين الذين حضروا المعرض . واشتركت فيه مكتبات عامة وخاصة كمكتبة المتحف العراقي ومكتبة الاوقاف العامة ومكتبة الخلاني العامة ومكتبة عباس العزاوي ومكتبة صادق كمونة ومكتبة كوركيس عواد ، كما كان للكتبي العراقي الكبير قاسم الرجب دور في تهيئة بعض الطبعات النادرة من الكتب . وعرضت الادارة الثقافية في الجامعة العربية مصورات نادرة لبعض مؤلفات ابن سينا . وعندما احتفلت دار المعلمين العالية سنة 1955 بذكرى تاسيسها اقامت معرضا للكتب المطبوعة ،غير ان اشهر معارض الكتاب العراقي ، هو الذي اقامته مكتبة الخلاني العامة ببغداد وسمته معرض الكتاب العراقي ،خلال الفترة من 14 – 21 نيسان 1955 . فقد عرض في هذا المعرض زهاء اربعة آلاف عنوان لمطبوعات عراقية تمثل مئة عام من تاريخ الطباعة والتأليف في العراق ، فقد تضمن نماذج من الصحف والمجلات العراقية والنشرات الرسمية والكتب المدرسية بلغات مختلفة . وبعد ثورة تموز 1958 اقامت المكتبة العامة في بغداد (وسميت بالوطنية فيما بعد ) معرضا للكتب العراقية والصحافة الصادرة في العراق خلال العام الاول من عهد الثورة . وفي منتصف الستينيات اقام السيد شمس الدين الحيدري صاحب ( المكتبة الاهلية ) ببغداد معرضا للكتاب العراقي في قاعة ( الفن الحديث ) ، نال الاستحسان ولقي اقبالا كبيرا ، وهذا ما نبه القائمين على تنظيم معرض بغداد الدولي الى الحاق عدد من قاعات العرض بمعارض للكتب . واستمر الامر الى ان تاسست ( الدار الوطنية للكتاب ) التي اُلحقت بوزارة الاعلام ، لتبدأ صفحة جديدة في تاريخ الكتاب في العراق ،صفحة اقل ما يقال عنها انها سوداء.
معارض الكتب الاولى فـي بغداد
نشر في: 3 إبريل, 2012: 10:22 م