TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن: النهاية السعيدة لمسلسل "الاجتماع الوطني"

العمود الثامن: النهاية السعيدة لمسلسل "الاجتماع الوطني"

نشر في: 4 إبريل, 2012: 11:08 م

 علي حسينأشفق على المواطن البسيط الذي كان ينتظر انعقاد ما يسمى بالاجتماع الوطني متوهما أن هناك صرعا سياسيا بين أطراف الأزمة ، القائمة العراقية ودولة القانون، وان المعركة التي تدور هي من اجل تقديم افضل الخدمات للناس ، فيما الحقيقة تقول ان الجميع مسكونون بأحلام الحصول على مغانم ومنافع لا تتعدى تحقيق مطالب شخصية او حزبية،
فمنهم من لم ير أبعد من غنيمة الحصول على منصب سياسي، وآخر يصر على ان يستحوذ على كل شيء وأي شيء، المواطن البسيط كان يمني النفس ان يكون هو الحاضر الاول في الاجتماع الوطني بينما الواقع يقول ان الاجتماع مجرد صفقة للاستثمار السياسي والاستمرار في ممارسة السطو على مقدرات وثروات البلاد. لقد بات واضحا للجميع ان فشل القوى السياسية ومعها حكوماتها الكسيحة في صياغة مشروع سياسي  لدولة مدنية تحترم خيارات شعبها ، دفع هذه القوى إلى خوض معركة المصالح والمكاسب، فنحن امام قوى تدعي السياسة لكنها في الحقيقة مجرد أفراد ومجموعات انشغلوا بقوانين الحشمة وفرض الوصاية على العباد ومطاردة النساء في اماكن عملهن ودراستهن ، وتحويل ثروات البلاد الى دول الجوار. سياسيون ومسؤولون يحملون بضاعة منتهية الصلاحية  ويريدون بالتحايل والمكر والخديعة فرضها على الشعب ، يثيرون غبار المعارك من اجل التغطية على احلام بناء دولة مؤسسات تقدم للناس الخدمات والتعليم والعلاج وتتيح للعراقيين جميعا بغض النظر عن طوائفهم وانتماءاتهم فرصا كريمة للعيش والعمل .  لقد مضت اشهر طويلة على الازمة السياسية الاخيرة وعقد اكثر من اجتماع مجاملة وصدر اكثر من بيان تطمين  وسمعنا اكثر من مسؤول يقول ان القوى المتحاربة ستلقي السلاح ارضا ، لكن الواقع يقول اننا لازلنا نواجه سياسيين بلا رؤية، لا يعرضون أفكارا ولا يطرحون مشاريع بناءة ، وان اجتماعاتهم لا تعطي أملا للناس ولا تبشر بفرص حقيقية، فهم منهمكون بطرح قدر مهول من التصريحات، التي دائما ما تنتهي بجمل وعبارات ملت الناس من سماعها، وسيقول لنا " فلان"  احذروا "علان" وسنجد أن الجميع مصرون على مواصلة ذلك الخطاب المحرض على الفوضى السياسية، هذه الفوضى التي تجعل من اجتماعاتهم مجرد دراما كوميدية  تثير الاسى اكثر من الضحك، باختصار شديد فان مثل هكذا اجتماعات تجري وفقا لمبدأ "خذ وفاوض"يدرك معظم الساسة انهم خسروا الناس، وانهم اليوم لا يمثلون ناخبيهم بقدر ما يمثلون طموحاتهم الشخصية ، وان الخطب النارية التي يلقيها البعض والتلويح بمقاطعة العملية السياسية ، ما هو الا ابتزاز منظم للناس كي تسكت وتنشغل عن الهم الحقيقي وهو اعادة بناء البلاد على اسس حديثة  .  لقد انشغل الاعلام منذ اشهر بافتتاح المسلسل الدرامي المؤتمر الوطني والذي طالبنا البعض بان نسميه اجتماعا كي يحصل على بركة رئيس الوزراء ، وانشغلت الفضائيات بالمناظرات الكبيرة بين الزعيمة حنان الفتلاوي والجنرال عتاب الدوري ، وظلت الناس حيرى تصدق ابتسامات حيدر الملا أم  تثق بتكشيرة علي الشلاة؟ فيما لم تنقطع البلبل الفصيح عالية نصيف من التغريد صباح كل يوم ، وخلال هذه المدة تعرض العراقيون بمختلف اطيافهم الى قصف بالمدفعية الثقيلة من النائب حسين الاسدي فيما ظل المقرب عدنان السراج مصرا على ان الصهيونية والامبريالية العالمية لا تريد للاجتماع الوطني ان ينعقد ، لان في ذلك اجهاضا لمشاريعها التوسعية في المنطقة .المشهد العبثي الذي نعيشه اليوم يقول بوضوح إن اي كلام  عن عدم وجود قوى سياسية حقيقية غير صحيح، وان ما نراه الان مجرد دكاكين تجارية بواجهات سياسية تريد ان تجني ثمار التغيير لصالحها.لم يتبق لنا ونحن نسمع ان الاجتماع الوطني اصبح من الماضي سوى ان نشكر كل الكومبارس من النواب والسياسيين الذين أدوا أدوارهم بكل مهنية وإخلاص وساهموا بتقديم نهاية ممتعة للمسلسل الدرامي الطويل "الاجتماع الوطني" والذي قوبل بتصفيق حاد من العراقيين  المساكين الذين ادهشتهم الاحداث وهي تسدل على صوت السيد المالكي يقول : " لا تغادروا مقاعدكم ففي الطريق  مسلسل جديد اكثر تشويقا واثارة ".  

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram