TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > أحاديث شفوية: كيف تكون سعيدا؟

أحاديث شفوية: كيف تكون سعيدا؟

نشر في: 6 إبريل, 2012: 11:11 م

 احمد المهناكيف تكون سعيدا؟سؤال لم يعد يشغل الناس في هذا الجزء من العالم منذ وقت طويل، لدرجة ان كتابا مرموقا واحدا لم يؤلف فيه. وهذا يعني ان منطقتنا تعيش كل هذا الوقت الطويل حياة غير طبيعية. فالمفروض أن تكون السعادة هدف كل فرد وأمل كل أمة. ولكن هنا يبدو السؤال ساذجا وتافها وربما "متهافتا" على رأي المثقفين.
إن الدول، التي أنعم الله عليها بالصحة الذهنية، تذكر السعادة، أو ما في معناها كالرفاه، في أهم وثائقها القومية، وهو الدستور. أما نحن فعقلنا أكبر من لعب الأطفال هذا. ولذلك جاء دستورنا الأول والثاني، في 1925 وفي 2005، خاليا من السعادة أو الرفاه. ربما لأننا نعرف أنفسنا، فلماذا الكذب؟أما أشقاؤنا المصريون فقد جاء دستورهم الأول في 1923 على ذكر السعادة، أو "العيش السعيد المرضي". كما نص دستورهم لعام 1930 على "ان أعز رغباتنا وأعظم ما تتجه إليه عزيمتنا هو توفير الرفاهية لشعبنا". ثم اختفت السعادة، وانفقد الرفاه، من كل دستور لديهم منذ ثورة 1952. ولا غرابة فالثورة أمر أكثر جدية من السعادة.ومن يوم ثورة مصر غادر العرب الأرض، والسعادة أمر أرضي، واتجهوا الى اهداف عليا لا تقع على ارض، ولا تسكن في سماء. كانت في منطقة ما بينهما. مع الإسلام السياسي عرفت الوجهة، وتحددت الغاية، فقد طلعت الروح الى السماء، وخلصنا. ولكن في يوم ما سنعود حتما الى الأرض، ويسأل كل منا شخصه الكريم "ما الذي قد صنعت بنفسك؟" على رأي سعدي يوسف. وسعدي كان قد ترجم لوالت وتمن. وهذا الشاعر الأميركي الرائع كان قد تنبه غاية الإنتباه الى ما تنزله "الأفكار العلوية" بالناس من مصائب. حتى أن الفيلسوف البريطاني برتراند رسل، عندما وضع كتابه (انتصار السعادة)، لم يجد ما يقدم به مؤلفه، كخارطة طريق للسعادة، أفضل من هذه القصيدة لوتمن:"أعتقد ان باستطاعتي الاتجاه للعيش مع الحيواناتفهي مسالمة للغاية، ومتمالكة لأنفسهاإنني اقف وانظر إليها طويلا طويلاهي لا تعرف العويل على أحوالهاولا تستلقي مستيقظة في الظلام..تبكي من خطاياهاولا تجعلني مشمئزا بمناقشة واجبها تجاه المطلقفلا واحد منها ساخط، ولا واحد منها مصاب بهوس تملك الأشياءولا واحد منها محترم أو تعيس على وجه الأرض كلها".ولعل أهم ما تحث عليه القصيدة من أجل السعادة هو التواضع: عمي عليمن؟ عدوانية، فقدان أعصاب، رثاء للنفس أو بكاء على الحال، عزلة قاتمة، شعور مرضي بالإثم، إلزام الذات بواجبات غامضة، سخط، طمع، بحث عن الوجاهة، شكوى واستغراق في التعاسة.أليس هذا كله كثيرا على رحلة عمر هي قصيرة مهما طالت؟ ألا تضع الناس "طولة العمر" على رأس آمالها؟ وهل هي تفعل ذلك مخافة الموت وحده أم طلبا للحياة أيضا؟ وما هو أهم من السعادة في هذه الحياة؟ وكيف ولماذا يغيب هذا السؤال عن هذا الجزء من العالم؟إنها الأفكار. الأفكار التي تتغذى وتبنى من الأوهام. وهي صنعة بشرية خائبة لا يوجد مثلها في عالم الحيوان. والمفكرون الأرضيون، الواقعيون ان شئتم، اذ يشيرون علينا بالتعلم من الحيوان، انما يريدون اعادتنا الى الفطرة السليمة، الى الأرض، أرض البشر!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram