باسم محمد حبيبكثيرة هي الاتهامات التي توجّه ضد الحكومة أو ضد أقطاب العملية السياسية وهي تتنوع ما بين الاتهام بالتقصير أو الفشل وما بين التجريم والتخوين .وبالطبع لا يمكننا أن نصدّق كل تلك الاتهامات مثلما لا يمكننا أن ننفيها جميعا ، لأن الكثير من هذه الاتهامات ربما يكون وراءها هدف سياسي لإسقاط المنافس وإخراجه من حلبة المنافسة على الكعكة السياسية.
والأمر ذاته يصح في ما يخص مطلقي هذه الاتهامات إذ بينما يطلقها البعض غيرة على مصالح البلاد وحقوق العباد ، هناك من يطلقها لدوافع أخرى تتعلق بالمصالح الشخصية والحزبية والفئوية ، وجميع هؤلاء يساهمون شاءوا أم أبوا في نجاح العملية الديمقراطية وبلوغها شاطئ الأمان بعد أن تستفيد من دروسها وأخطائها.إن كشف الأخطاء واستلهام الدروس والعبر في أي تقييم موضوعي يتطلب توافر شروط معينة ، منها طول المراقبة والدقة والنظرة الموضوعية ، وهذا ما يمكن تطبيقه على الواقع السياسي العراقي حيث مرت عدة سنوات على تولي السياسيين الحاليين للمناصب السياسية والحكومية ،كما اتضح أيضا ما تحقق على أيديهم من نجاحات وما تسببوا به من إخفاقات.فمعاينة أفعال الحكومة أو الكيانات السياسية يعد أمرا ضروريا وأساسيا لتصويب الحراك السياسي وتتويج ذلك بإبعاد الفاشلين والخاطئين وإبقاء النشطين والمثابرين حتى تأخذ العملية الديمقراطية بالرسوخ والتوطد ، لأنه لا مكان في العملية السياسية السليمة للمجاملات والمهادنات ولا بقاء إلا إلى الأصلح والمناسب لحكم البلد والتصدي للمسؤولية. لكن من الضروري بمكان التعاطي مع هذا الأمر بمنطق مسؤول قوامه الارتكان إلى الممارسة الديمقراطية وصناديق الانتخاب ، فالضجيج والزعيق لا يمكنه أن يحل المشكلة ولا يضع حدا للأخطاء والسلبيات في نفس الوقت الذي لا يجوز فيه أن نلوم الديمقراطية أو نغالي في ما نطلقه من أحكام أو اتهامات.فبدلاً عن هذا الضجيج وهذا اللوم والتذمر الذي هو مهم بالتأكيد هناك حل آخر قد يكون أكثر أهمية وأقوى تأثيراً ، إنه الامتناع عن إعادة انتخاب من نعدهم مذنبين أو من نتهمهم بالتقصير والفشل ، عندها يمكننا أن نحقق التوازن للعملية السياسية ونبعد عن الديمقراطية احتمالات الفشل والإخفاق ،فالنجاح الحقيقي يكمن في قدرتنا على استثمار حقنا التصويتي بشكل صحيح وتحقيق التغيير من خلال صناديق الانتخاب التي هي الخصم المؤثر للسياسيين والضابط الأكبر لسلوكهم وأفعالهم.
لا تنتخبوهم!
نشر في: 9 إبريل, 2012: 08:32 م