TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > العراق بعد القمّة

العراق بعد القمّة

نشر في: 9 إبريل, 2012: 08:34 م

علي حسين عبيدهناك نظرة ثابتة لدى الجمهور العربي الواسع عن القمم العربية، تتمثل بعدم الاهتمام بهذه القمم جماهيرياً، والنظر إليها على أنها لقاءات ذات طابع بروتوكولي، يجمع بين قادة الدول العربية لكي يلتقوا مع بعضهم أياماً معدودات لتحسين العلاقات المتأزمة بينهم كأفراد، ومن ثم تحسين العلاقات بين بلدانهم تبعاً لعلاقاتهم الفردية،
 لأن الرئيس أو القائد العربي غالباً ما يختصر شعبه ودولته بشخصيته ونظامه السياسي، وهكذا غالباً ما تكون نتائج هذه القمم هامشية رسمية، لا تعني المواطنين من قريب أو بعيد، ناهيك عن بقاء بنود البيانات والاتفاقات التي تتمخض عنها، حبراً على ورق لسنوات متتابعة، الأمر الذي خلق حالة راسخة من اللامبالاة لدى الغالبية العظمى من الجماهير العربية إزاء هذه القمم.في القمة العربية الأخيرة التي عقدت أواخر شهر آذار/ مارس الماضي في بغداد، عاد العراق إلى حضور هذه القمم (رئيسا) بعد غياب استمر عقدين تقريبا، وقد رافقت هذه العودة آراء كثيرة متباينة من لدن المهتمين وعموم المواطنين، منها ما ذهب إلى التقليل من أهمية هذا الحدث، تحت وطأة السوابق المحبطة للآمال للقمم الروتينية الماضية، ومنها من قالت بأهمية هذه العودة للعراق بسبب ظروفه الجديدة، أي بعد انتقاله من نظام الحكم الأوحد، إلى النظام الديمقراطي، وما يتعرض له هذا النظام الجديد من عقبات جدية، تقف وراءها حكومات ودول عربية وإقليمية ومنظمات تضفي على نفسها سمة المقاومة، لهذا يحتاج العراق إلى تنقية الأجواء بينه وبين الآخرين، كي لا تتعرض تجربته الديمقراطية إلى ضغوط إضافية، ويرى بعضهم أن مثل هذا الرأي ينطوي على نزعة براغماتية، لا تتسق مع أهمية ثبات السياسة الخارجية والداخلية للعراق، ناهيك عن تشبث السياسيين (والمنظومة الفكرية للمجتمع العراقي) بالمبدئية والثبات على الموقف وما إلى ذلك من مثاليات، ربما لم تعد تجاري المفاهيم المعاصرة والأهداف السياسية التي تحرص الحكومات على تحقيقها لشعوبها.العراق الآن (بعد قمة بغداد الأخيرة) يقود العمل العربي طيلة هذه السنة، وهو أمر وإن كان روتينياً، إلا أن استثماره من لدن دولة العراق حكومة وشعباً ومؤسسات وكتلاً سياسية مختلفة، صار واقعاً وهدفاً مطلوباً، بمعنى أوضح، أن الطابع الروتيني لنتائج قمة بغداد قد يبقى قائماً، فليس هناك عصا سحرية تجعل من هذه القمة مغايرة لسابقاتها، لأن معظم الرؤساء والحكومات نفسها لا تزال قائمة وحاكمة، ولأن حالة ثبات القرارات كحبر على ورق ربما لا تتغير، وهذا أمر يتوقعه الجمهور العربي الأوسع، ومع ذلك مطلوب من العراق أن يستثمر هذه القمة لصالحه بأقصى ما يمكن، لما تفرضه المصلحة الوطنية في هذا الصدد، ولعل التحرك السليم نحو حكومة الكويت والخطوات الحثيثة لحل الإشكالات المتعددة بين العراق ودولة الكويت، يعطي إشارة واضحة جدا على صحة استثمار الحكومة العراقية لما بعد القمة ونتائجها، كذلك الحال مع بقية الدول العربية، بمعنى أوضح على الحكومة العراقية وهي تقوم بدور قيادة العمل العربي أن تضع مصلحة العراق، شعباً وحقوقاً ومصالح وطنية في المقدمة دائما، ومن المؤكد أن الجهر بهذا الهدف لا يشكل مثلبة على أحد، لأن الطبيعة البراغماتية للسياسة المعاصرة تبرر أولوية المصالح الوطنية وتدعو إلى حمايتها، وهو أمر لا ينكره بل ولا يعيبه معظم السياسيين في العالم المتطور، لذلك لابد من وضع صورة واضحة لطبيعة السياسة العراقية خلال هذا العام، كونه يجيء بعد تغيّر (عربي، إقليمي، ودولي) جيد لصالح دولة العراق، وليس أدل على ذلك من استعادة العراق شخصيته المعنوية بين محيطه العربي، والإقليمي كما لاحظنا، مثلا، في طلب إيران من وكالة الطاقة الذرية أن يكون العراق بديلا  عن تركيا لمناقشة ملفها النووي، في إشارة واضحة  إلى دور العراق المتنامي في حلحلة بعض المشاكل الدولية المستعصية.المطلوب من الحكومة العراقية والمعنيين جميعاً، حماية مصالح العراق وشعبه، وتنمية وتطوير التجربة الراهنة بما يحقق تطور واستقرار البلد، انطلاقاً من سياسة استثمار الفرص المتاحة، ومنها قيادة العراق للعمل العربي خلال العام الجاري.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram