TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن: حواسم بريمر

العمود الثامن: حواسم بريمر

نشر في: 9 إبريل, 2012: 10:06 م

 علي حسينأول كلمة نطقتها الناس بعد 9/4 كانت "حرية" واليوم ونحن ندخل العام العاشر من التغيير الذي قادته الولايات المتحدة، نجد كلمات القانون والحرية والعدالة الاجتماعية مطاردة في كل مدن العراق في تعبير حقيقي لما جرى والذي يمكن تلخيصه بكلمة واحدة "الخديعة" وان الناس استبدلت نظام صدام بنظام آخر بنفس فايروسات الاستبداد وشهوة السلطة،
سقط تمثال صدام في 9/4 فأنشأت أحزاب الطوائف تماثيل جديدة لساسة اعتبروا التغيير ماركة خاصة سجلت بأسمائهم.. لا مفاجأة على الإطلاق في أن يشعر العراقيون بأنهم خدعوا وان ما يجري هذه الأيام لا يختلف كثيرا عمّا جرى في ظل نظام القائد الضرورة، سقط تمثال الدكتاتور لكن نظامه وعقليته ما تزال في مكانها، فسلوكيات العديد من سياسيينا ومسؤولينا ليست بعيدة عن نظام دولة المخابرات والمخبرين السريين. ونحن ندخل العام العاشر ندرك جيدا إن ما جرى ويجري خلال السنوات الماضية كان تجربة عملية على حرق كل اثر للتغيير وقد كان مشهد الصراع الطائفي على المناصب والمغانم بالغ الدلالة والإيجاز وإذا كان العراقيون البسطاء قد توسموا خيرا بعد سقوط تمثال صدام فقد خاب ظنهم حين اكتشفوا أن بينهم اليوم أكثر من صدام. ولعل السؤال الذي يجب علينا طرحه ونحن نستذكر ما جرى منذ 2003 هو ما معنى كل التضحيات التي قدمت في الخلاص من نظام دكتاتوري لنجد أنفسنا في النهاية أمام دكتاتوريات متخفية باسم الطائفة والمذهب تمارس أبشع أنواع الترهيب والتخوين لكل من يختلف معها في الرأي.  ما معنى أن يجد العراقي نفسه أمام وسائل قتل جديدة.. فبعد ان كانت الناس تغيب في المعتقلات وزنزانات الموت، نجدهم اليوم يقتلون في معارك طائفية وعلى يد عصابات الجريمة المنظمة، ما معنى أن تستبدل أجهزة صدام القمعية بفرق الموت التي تنتشر في الشوارع. بعد تسع سنوات عجاف يشعر العراقي بالغربة في وطنه، فلم يكن هذا هو الوطن الذي حلم به بعد 2003، الوطن الذي سرق منه شارعا شارعا ومدينة مدينة..خرجت الناس تبحث عن الحرية والإخاء والمساواة.. عن بلاد ظلت تعيش في خواطرهم وأحلامهم فإذا هم بعد تسع سنوات يستيقظون على بلاد تحكمها ثقافة الجهل والفقر والمرض،، ولا مكان فيها لأي شيء حقيقي، بل المكان والمكانة لكل مزيف ومزور ومنافق وانتهازي.عاشت الناس عقودا من انعدام الديمقراطية وكانوا ينامون مع الصمت والخوف.. والآن وهم يدخلون العقد الأول من الثورة على جمهورية الخوف ليجدوا أنفسهم أمام جمهوريات جديدة تمارس ديمقراطية البلادة والتفاهة واللصوصية. بعد 4/9/2003 انشغل الإعلام وشغل كل الرأي العام العالمي بمصطلح الحواسم حيث كان الشعب الجائع والمقهور يبحث عن اي وسيلة ليفرغ غضبة ضد الظلم والجور والعوز، معظم الكتاب والمعلقين انشغلوا بالمظاهر السطحية التي حدثت آنذاك دون ان ينتبهوا الى ان الحاكم المدني السيد بريمر كان يجهز المسرح لعصر حقيقي للحواسم، يقوده ساسة حولوا البلاد إلى مزرعة خاصة تذهب خيراتها الى أسوأ أبنائها.  بعد تسع سنوات نتساءل ما قيمة التغيير والحرية والديمقراطية، اذا لم يشعر الناس انهم شركاء في هذا البلد، وان حقهم فيه كامل وغير منقوص. اليوم ندرك جميعا ان مشكلتنا الحقيقية مع سياسيي الحواسم الذين أثبتت التجربة في السنوات الماضية أنهم جاءوا لخدمة مصالحهم والكتل التي ينتمون إليها، فازدادوا ثراء فوق ثرائهم، وتخمة فوق تخمتهم، وأشاعوا الأجواء بخطب ومناكفات شخصية ومشاحنات يضعون قدما في السلطة والأخرى في إحدى دول الجوار، بعد تسعة اعوام مريرة بات واضحا ان تمثال صدام لا يزال منتصبا في ساحات بغداد ومدن العراق وان ما تعرض له صبيحة 9/4 هي مجرد إصابات وخدوش في قشرته الخارجية وليس في النظام الذي صنعه.أين ذهب العراق الذي كنا نحلم به؟.. الجميع يعرف الجواب حتما.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram