TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > عندما يرتدي السلطان جبّة

عندما يرتدي السلطان جبّة

نشر في: 11 إبريل, 2012: 09:01 م

هاني فحصكنا وما زلنا وسنبقى بحاجة إلى التجربة لتصحيح أفكارنا ، والتي تستبد بنا في حالات التوتر خاصة، لما يشوبها من إطلاق وتعميم يغلقها على النقد والمراجعة. لقد كنا – مثلاً – بحاجة إلى الدخول في تجربة مع رجال الدين عموماً. وحملة المشروع السياسي الديني أو الديني السياسي منهم خصوصاً،
سواء منهم أولئك الذين يستندون إلى نظرية الخلافة العظمى من السنّة مع العلم أنه بدءاً من خلافة أبي بكر (رض) وطريقة استخلافه تم الفصل بين الديني والزمني كمترتب منطقي على وفاة الرسول "ص". أو أولئك الذين يستندون من الشيعة الولائيين إلى " ولاية الفقيه" المطلقة، خلافاً للأغلبية الساحقة من فقهاء الشيعة، ويزيّنون أطروحتهم الدينية السياسية في بناء الدولة ومؤسساتها وتحديد مصادر شرعيتها الشعبية اللاحقة ، بشرعيتها الدينية أو الإلهية المؤسسة، يزينونها أو يوشونها أو يطرزونها بخطوط ملونة وناعمة، من الحرية والديموقراطية والتعددية، لذرّ الرماد في العيون، أو ريثما يتمكن المتمسكن ، وتتكشف الحقائق والنيات إبان الاستحقاقات الكبرى (الحركة الشعبية أو الطالبية المطلبية، حركات الاعتراض على نقص الحريات، أو المغامرات العسكرية، الانتخابات النيابية أو المحلية أو الرئاسية إلخ).كنا بحاجة إلى التجربة في السودان والصومال وأفغانستان وإيران، لا لنتشبث بضرورة التمييز بين الديني والسياسي وبين الدين والدولة وبين الدين والفهم البشري له، وبين المقدس والتاريخي ، وبين المطلق والنسبي، وبين الدين والإيمان، وبين الخلاص الفردي وتوهم الخلاص الجمعي أو الجماعتي، إلخ...من أجل الحفاظ على الدين والدولة وحفظ كل منهما للآخر وبالآخر من خلال هذا التمييز ، حيث يؤدي الخلط الذي لا يكون إلا عشوائياً بين الدين والدولة، بسبب اختلافهما المنهجي معرفياً وعملياً، إلى إلغاء الدين بالدولة وإلغاء الدولة بالدين، أي إلغاء الضرورة (الدولة) بالحرية (الدين) على أساس بطلان الإكراه وكون الإيمان لا الإعلان معياراً وحاكماً.بل وأيضاً لنكف عن المراهنة على مدنية رجل الدين إلا إذا اختار السلوك المدني والتزام به، وإلا فهو غير مدني حتى يثبت العكس، وحتى لا نظلم فإننا نصدق بأن هنالك مدنيين حقيقيين بين رجال الدين ، منهم من كان كذلك أصلا ومنهم من أصبح كذلك لاحقاً متحملاً النفي والإبعاد والحصار والنبذ والتكفير  والقتل أحياناً. وهناك مدنيون من رجال الدين ، أي يحبون أن يدخلوا مع  الدين إلى المدينة كنظام قيم يحرسها ويحبون أن تذهب المدينة إلى فضاء الدين لتستروح، أي لتكتسب في عمارتها وعمرانها ونظام علائقها روحاً يأتي من الغيب ليبعث في الحضور وفي الشهود نسيماً عذباً وضرورياً لجماليات الكون والحياة والإبداع ... والمدنيون هؤلاء، كبار كبار عادة يبلغون غاية في العلم الديني فيكتشفون أهمية المدينة وعمومياتها القانونية التي تضبط الخصوصيات وتحولها إلى مصادر حيوية، أي تحمي التعدد أو الخاص بالوحدة أو العام، وتثري الوحدة وتضمنها بالتعدد... (من يستطيع أن ينفي أو ينتقض من مدنية السيد علي السيستاني المرجع الديني، الذي بلغ من الدين علماً وعملاً وتديناً أنه أصبح من أرفع وأسطع مصاديق المدنية وبناء المدينة؟؟؟) حتى الآن أردت أن ينصبّ كلامي على رجال الدين المسلمين، لأن رجال الدين المسيحيين، فيهم نسبة كبيرة جداً من المدنيين الروحانيين، أما الآخرون فقد أصبحوا مدنيين طوعاً أو كرهاً بموجب الدولة العلمانية، التي حررت المسيحية من الكنيسة وحررت الكنيسة من كهنتها وحولتها من الحجر إلى البشر ، لتعود العلمانية فترتكب موبقاتها من دون ذريعة دينية . وإن كان علمانيون كثر من الحكام (مسلمين ومسيحيين) يعودون إلى الدين ليتذرعوا به في تغطية ارتكاباتهم. وهذا لا يمنع من أن يكون عدد من رجال الدين المسيحيين يمارسون عنفاً غير مباشر بحجة الدينونة أو دوافع محض ذاتية ، ويبدون ميلاً غير عاديّ لإلغاء الآخر تعويضاً عن العنف السلطوي (الدولتي) الممنوع أو المكبوت ، بالعنف الأيديولوجي الديني ومن خلال السلطة الطوعية التي يحصلون عليها من رعاياهم باعتبارهم طرقاً حصرية إلى الله والآخرة !!!أحاول في ما يلي أن أقدم شهادتي في مسألة انزلاق رجل الدين إلى قاع السلطة أو التسلط من خلال معرفتي المباشرة بآليات التدريس في الحوزات الدينية. في مناهج هذه الحوزات يعتمد التدريس المتعدد المستويات والمراحل لأحكام الفقه الإسلامي، التي تطال كل شي في تصرفات الفرد ، على أساس ما تم التفاهم عليه من أن "لكل واقعة حكماً ومن دون استثناء – من العطاس وتقليم الأظافر والدخول والخروج من دورة المياه إلى عدم جواز السلام أو رد السلام على الكتابي إلى أحكام الزواج والطلاق والمضاربة والمزارعة والتجارة – خاصة تجارة الرقيق"...وهذا الحكم  هو حكم الله في حق الفرد (المكلف) وإن كان الذي توصل إليه بشر يخطئ ويصيب سواء كان مجتهداً حقاً أو مدعياً للاجتهاد . ومن دون أن يكون بإمكان أي فقيه أو مدع للفقه أن ينكر لفقهاء آخرين رأياً آخر في المسألة نفسها . بلى يستطيع الفقيه أن يعمم رأيه إلى حدود بعيدة ويغطي على الآخرين ،إذا ما كان مدعوماً بسلطة&nbs

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram