عباس الغالبيتعد الخطط التنموية الخمسية من الاستراتيجيات المتوسطة المدى التي تلجأ إليها البلدان المتطلعة لمعالجة اختلالات البنى الارتكازية، وعادة ما تكون تخصيصاتها المالية خارج الموازنات السنوية القصيرة الأمد.
وفي العراق أعلنت وزارة التخطيط خلال شهر تموز عام 2010 عن تبنيها خطةً تنموية خمسية 2010 – 2014 والتي شملت معظم القطاعات الاقتصادية، وتسعى الوزارة إلى تحديث خطتها هذه، حيث أعلنت مؤخراً عن وجود أفكار لمناقشة طبيعة المشاريع وآليات تنفيذها للأعوام 2013 – 2017 في عملية تحديث للخطة التنموية الخمسية. والسؤال الأهم ما الذي تحقق خلال العامين الماضيين من عمر هذه الخطة حتى تجري مناقشة الأفكار المستجدة لاستدامتها، لاسيما وان الاقتصاد مازال ريعياً يعتمد على النفط بنسبة تتجاوز حاجز الـ 90%، وضعف واضح للقاعدة الإنتاجية، وفساد كبير يضرب أطناب المؤسسات الحكومية، في وقت تعاني القطاعات الخدمية والانتاجية من تراجع لافت للنظر ولم تعد الموازنات السنوية المعتمدة في العراق من معالجة النقص الحاصل فيها ولو بنسب ضئيلة لأسباب بعضها أدارية وأخرى قانونية تتأثر بشكل كبير بالتداعيات السياسية والأمنية التي تحدث في البلد. لا يمكن لنا ونحن نتحدث عن الخطة التنموية الخمسية أن نغفل الجهد الكبير الذي اضطلعت به وزارة التخطيط ودوائرها المتخصصة وبالتنسيق مع الجهات القطاعية في الوزارات كافة، إلا أن المشهد الخدمي والاقتصادي في العراق ليس بحاجة إلى التنظير فقط، بقدر ما هي الحاجة ماسة للتطبيق العملي، حيث كنا نأمل من وزارة التخطيط أن تخرج لنا بأرقام ومشاريع منفذة ومشاريع أخرى قيد التنفيذ حتى تتبين للسواد الأعظم من العراقيين مستويات النجاح والإخفاق في مسارات هذه الخطة، بعد ان تعرض هذه الحيثيات للنقاش من قبل أوساط اكاديمية واقتصادية وإعلامية ومنظمات اقتصادية من القطاع الخاص ذات صلة بهذا الموضوع للوصول الى مقترحات تضع هذه الخطة في مسارتها الصحيحة وأن تؤخذ بنظر الاعتبار هذه المقترحات من مصادر القرار الاقتصادي والسياسي في البلد.وبقدر أهمية الخطة التنموية الخمسية لإعطاء زخم من المشاريع للبنى الارتكازية، فأن الإرادة الوطنية والقدرة الإدارية تصبحا غاية في الأهمية لنجاح هذه الخطة التي أعلنت عنها وزارة التخطيط على وفق رؤى وبرامج أعدت بعناية من قبل كوادر وطنية جرى تعشيق الخبرات والتجارب الأجنبية معها سعياً لجعلها تلامس الواقع وتضع العلاجات الناجعة لجميع القطاعات الاقتصادية. ولكن هل الذي تحقق من حيثيات هذه الخطة يوازي مستوى الطموح والتخطيط المعد سلفاً، أم أن الخطة سارت بشكل متعثر مثلما هو واقع الحال الذي يتحدث عن نسب انجاز بسيطة كان يمكن لوزارة التخطيط أن تفصح عنها أمام الرأي العام سعياً لمعالجتها بالشكل الذي اشرنا إليه.
اقتصاديات: ما الذي تحقق من الخطة التنموية الخمسية؟
نشر في: 11 إبريل, 2012: 09:09 م