TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > تأملات في المعرض والكتاب

تأملات في المعرض والكتاب

نشر في: 11 إبريل, 2012: 10:10 م

شجاع العانيإذا كانت الثقافة هي الإلمام من كل فن بطرف، فإنه يصح القول إن معرض الكتاب المكان الامثل للثقافة. لقد كان الكتاب المطبوع ومنذ هجرة غوتنبرغ الوسيلة الأكثر انتشارا ونشرا للثقافة والمعرفة والمعلومة العلمية، وقد ادت الطباعة والكتاب المطبوع الى نشر المعرفة في أوسع اوساط الجماهير الغفيرة
فكانت الطباعة بحق اكبر تحول نحو ديمقراطية العلم والمعرفة، لكن كل تحول او منعطف في تاريخ المعرفة، كان يؤدي الى التوسع في المعرفة افقيا على حساب المحور العمودي، وهكذا يمكن وصف الانتقال اليوم من الكتاب المطبوع الى الكتاب الالكتروني والكومبيوتر، فقد حقق الكومبيوتر معجزات كبرى في العلم والمعرفة لم يكن البشر ليحلموا بتحقيقها لولا هذا الانجاز الخطير.الا انه على المستوى الثقافي الجماهيري فإن النت والكومبيوتر والتقنيات الجديدة لا تقدم معلومة عميقة كالتي يقدمها الكتاب وانما يتكيف بما يمكن وصفه بـ " الشطيرة " الثقافية. خلق الكتاب طبقات متعلمة وحسابات دقيقة واحساسا بالجمال ادى الى تطور عظيم وخطير في الادب والثقافة عموما لا مجال لذكرها هنا، سواء أكان ذلك على صعيد الشعر والقصيدة ام كان على صعيد الرواية والأجناس الأدبية الأخرى.خلق الكتاب فردية حصيفة، بقدرته على اختطاف القراء ودفعهم إلى أن يصنعوا خلواتهم الخاصة بالقراءة، وكان بمثابة المعشوقة للعاشق والمعشوق للمحبة الوالهة. وإن ادت هذه الفردية الى نمط من الاوضاع النفسية تميل الى الانطواء اكثر منها الى الانفتاح والانبساط.ترى من يقرأ الكتب المطبوعة الآن؟ لا احد يعرف الاجابة على ذلك كالمعلم والأستاذ الجامعي، لقد سحب النت والفضائيات البساط من تحت اقدام الكتاب وجعل قُرّاءه فئة محدودة ومتخصصة كما ترك القادم الجديد والتقنية المعرفية الجديدة اثرها الكبير على فنون مهمة كالمسرح والسينما.ومع ذلك يظل للكتاب عشاق مجانين ينفردون به في خلواتهم كما ينفرد بامراة جميلة ومحبوبة، ويظل الكتاب كذلك مصدرا للمعرفة العميقة المتخصصة التي لا غنى عنها حتى مع وجود الكتاب الإلكتروني.في معرض اربيل للكتاب يشاهد القراء ما يفرحهم، عشرة آلاف متر مربع من الكتب والالوان والبهجة وكانها الازهار الملونة في حقل تشارك فيها 350 دارا من 17 دولة، ويشارك قراء وهواة الكتاب من بغداد والمحافظات العراقية الاخرى. فشكرا لتلك الايادي البيضاء ولجميلها الثقافي علينا جميعا. شكرا لمؤسسة المدى التي نظمت هذا المعرض الذي يتجاور فيه الكتاب العلمي والديني مع الفكري والانساني في حوار وجوار جميل، وشكرا لمدينة اربيل التي اضافت الى جمالها باقة من زهور الكتب الجميلة.rn 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram