TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كردستانيات: عمود آخر

كردستانيات: عمود آخر

نشر في: 13 إبريل, 2012: 07:20 م

 طارق الجبوريبعد أكثر من أربعين عاماً من العمل الصحفي  أتمنى لو حالفني الحظ أن أعمل بغير هذه المهنة ، فمنذ أول عمود كتبته في أيلول 1970 إبان مجازر أيلول المعروفة عندما كانت القضية الفلسطينية تلهب حماسة الجماهير وحديث الجميع يساريين وقوميين ويمينيين بمصطلحات السياسة آنذاك .
 من وقتها عاهدت النفس على ألا أكتب   عموداً إلا ما أؤمن به  ، لذا لم يطل عهدي كثيراً في استمرار كتابة العمود  فاخترت التوجه  إلى كتابة الدراسات عن قضايا السوق العربية المشتركة وتعثر العمل العربي المشترك وغيرمها مما كان رائجاً في ذلك الوقت  وإلى حين أيضا .بعد حين جاءت الفرصة لكتابة عمود اختار احد الزملاء تسميته بـ " كردستانيات " ولكن  يبدو أنه ورغم تغير الظروف وانحسار حالة الخوف التي كنا نعيشها وتوفر حريات بهذا القدر أو ذاك  بعد 2003  أتاحت لنا التعبير عن أفكارنا ، يؤسفني أن أكتشف متأخراً أن المتاعب  في هذه المهنة قدر مكتوب للحالمين من أمثالنا خاصة في أوضاع معقدة ومتشابكة كالتي نعيشها فاخترت هذا الاسم ( وديع غزوان ) ليس خوفاً ، بل لتجنيب نفسي حالة سوء الفهم من زملاء وأصدقاء أعزهم كثيراً وأنا أتناول التجربة الكردستانية بهذه الحماسة وليس الانحياز كما يفهمه البعض ،  بسبب ظروف التجربة وما تعرضت وما زالت  تتعرض له اليوم من ظلم وتجنٍ  لدرجة محاولة البعض تحميلها كل مشاكل العراق واتهامها بـ" الارتماء في أحضان القوى الأجنبية " وافتعالها " كل ما بوسعها من أجل تمزيق الصف الوطني تحت واجهات عديدة " بل أكثر من ذلك الادعاء  بأن "المشروع الكردي" في العراق مشروع تخريبي بالنسبة لبناء الدولة الشرعية والنظام الديمقراطي الاجتماعي! وغيرها من التصريحات التي لا تصب في صالح العراق . وبصراحة لا أدري فربما أكون قد ( شطحت ) بعض المرات وتجاوزت شيئاً من حدود الحيادية تصل حد الانحياز ، رغم ما حاولته من اعتماد الموضوعية والتوازن وتجنب لغة الهجوم والشخصنة ، ومع هذا فإن ما كنت أتناوله في عمودي لم يكن نابعاً من انحياز أعمى بقدر ما يجسد إيمانا بالعراق ككل والحرص على هويته الديمقراطية التي تشكل كردستان جزءاً مهماً منها .مهمة الكتابة أن تشخص الإيجابي وتعمقه وتنتقد السلبي وتدعو إلى تجاوزه ،وفي كردستان لم يدع يوماً أحد من مسؤوليها  بأعلى المستويات خلوها من  السلبيات ،وكانت هنالك خلافات غير مخفية مع المركز أيضا حاولنا معالجتها بما نؤمن أنه يصب في صالح العراق الذي نريده وضحينا من أجله .  لم نزر كردستان غير مرات قليلة ، غير أننا كنا حريصين على أن نجالس المواطنين فلم نلتق في كل الزيارات إلا عدداً محدوداً من مسؤوليها الذين لا تربطنا بأي واحد منهم أية علاقة ، فكنا نرى هذه التجربة بعيون العرب والكرد والكلدو آشوريين المتواجدين في الإقليم  ونتحسسها بأحاديثهم عن الأمن والاستقرار والنمو وبنقدهم اللاذع أحيانا ، عندها كنا نفتخر ونقول إن الأمل  ما زال موجوداً . لم يكن يهمنا في كل هذا غير العراق ونحن منه، بغض النظر عن تلك الأحاديث المسمومة من قبل البعض التي لم تجد من وسيلة لتغطية فشلها غير التهجم على تجربة عراقية ناجحة نعيشها في كردستان، لذا كنا نشعر بأن واجبنا يقتضي التحذير من هؤلاء  ونفثهم  الدائم سموم الفرقة .  لم نكن ننحاز لغير العراق في كل هذا لكن ما يؤسف له سوء الفهم لموقفنا بين حين وآخر وهو ما أتعبنا ، لذا أعتذر أنا  وديع غزوان فقد يكون هذا هو العمود الأخير بالاسم المستعار.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram