TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > بعض معايير النجاح والفشل في تقييم الواقع الأمني

بعض معايير النجاح والفشل في تقييم الواقع الأمني

نشر في: 15 إبريل, 2012: 07:18 م

 طارق الجبوريلا يزال الواقع الأمني يشكّل التحدي الأكبر أمام الحكومة رغم ما تحقق فيه من نجاحات قياساً   بما كانت تعيشه مدن العراق في السنوات السابقة خاصة الفترة الممتدة من عام 2005 وتفجير قبة الإمامين العسكريين في سامراء  إلى عامي  2006 ـ 2007 وامتداد شرارة الفعل الإجرامي إلى مدن أخرى وبالأخص العاصمة بغداد ومحاولة إثارة حرب طائفية أفشلت استعارها جهود الخيرين.
غير أن تلك النجاحات لا تجعلنا نغالي وننسى أننا ما زلنا بعيدين عن معايير النجاح وما يحتاجه هذا الواقع الصعب والمتشابك من جهد مضاف لتأمين الاستقرار فيه ، خاصة وقد تداخلت فيه الصراعات السياسية لتلقي بظلالها القاتمة عليه ، كما أن من المبكر جداً ادعاء الجاهزية الكاملة لقواتنا الأمنية التي ما زالت تحتاج إلى الكثير خاصة في مجال العمل الاستخبارتي الدقيق الذي تتفق مختلف الأطراف على تدنّيه وانخفاضه .كما أن الملاحظة الكبرى التي لا يمكن التغاضي عنها أن أكبر الإنجازات المتحققة في المجال الأمني إبان انعقاد القمة العربية الأخير في بغداد اعتمد على توسيع عدد السيطرات وتكثيف انتشار القوات الأمنية وتطويق المناطق وحملة الاعتقالات التي سبقت القمة وغيرها من الإجراءات التي لا يمكن عدها مؤشرا استباقيا ومطمئنا ، بقدر ما يعكس ضعف عنصر المبادأة لدى أجهزتنا الأمنية ، التي نستغرب إصرارها على السيطرات وهو ما نعتقد انه يأتي ضمن النهج الدفاعي المستكين بحسب المصطلحات العسكرية  ،ما يعني أن العدو ما زال هو الذي يختار توقيت الهجوم ومكانه ، ووجود ضعف في العمل الاستخباراتي أفصحت عنه لجنة الأمن والدفاع البرلمانية في أكثر من مناسبة مطالبة الجهات المتخصصة بسد هذه الثغرة في واقعنا الأمني . ومع تقديرنا لكلمة الوكيل الأقدم لوزير الداخلية عدنان هادي الأسدي في اجتماع وزراء الداخلية العرب التي قال فيها " إن العراق نجح في الحد من الأعمال الإرهابية بنسبة 80 % مقارنة بعام 2007 " وهي منطقية  وتستند كما يبدو  إلى  إحصاءات عن عدد الجرائم الإرهابية، غير أنها من جانب آخر لا يمكن أن تخفف من قلق المواطن وخوفه شبه الدائم من تعرضه في أية لحظة إلى عمل إرهابي ويعزز ثقته بإمكانية  الأجهزة الأمنية من توفير الحماية له ولعائلته،وربما ما حدث مؤخراً في سوق الشعب من جريمة دليل صارخ على ذلك . فرغم ما موجود في تلك المنطقة من نقاط حراسة وسيطرات وإجراءات أمنية تمكن المجرمون من تنفيذ سرقتهم لمحال الصاغة وقتلهم الأبرياء بمن فيهم عناصر من تلك الأجهزة بصورة وكيفية تجعل كل واحد منا يتساءل عن حقيقة معايير النجاح تلك . كما أن ما جرى في حديثة من جريمة يؤشر هو الآخر عن خلل كبير في هذا الواقع وعدم فاعلية الإجراءات المتخذة . وإذا أضفنا إلى ذلك تلك العمليات الإرهابية التي نفذت يوم الثلاثاء العشرين من آذار وما سبقه من خروقات وما تلاه  ، لاتّضح للجميع خطأ تقديرات بعض مسؤولي الأجهزة الأمنية الغارقة في التفاؤل .أن وجود هذا العدد الكبير من السيطرات ، دون فاعلية ، بحد ذاته يعطي مؤشراً سلبياً للمواطن عن هشاشة الوضع الأمني حيث يقتصر عملها في الغالب على تضييق مرور المركبات وزيادة إرباك حركة السير والتعرض لحقوق المواطن أحيانا لأتفه الأسباب ومساءلته عن قضايا جانبية كثيراً ما تناولتها أجهزة الإعلام بالنقد . ومن المناسب التذكير مجدداً بأن الواقع الأمني مرتبط بجملة عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية ، والخلل في أي واحد منها يؤثر على عملية استقراره بشكل طبيعي ، وبذا فما نحتاج إليه إصلاحات كبيرة تعيد النظر بجملة الممارسات منذ 2003 إلى الآن ، إضافة إلى أهمية تطوير عمل الأجهزة الأمنية من جيش وشرطة وإدخالهم في دورات تطويرية بين فترة وأخرى لتطوير قابلياتهم ، خاصة أن اغلبهم ولظروف العراق في المرحلة الماضية قد زج بالواجب بعد دورات قصيرة غير مجزية . استقرار الأمن  ومسؤولية حماية المواطن  مهمان لكنهما يحتاجان إلى عقلية تضع خططاً عملية وواقعية ولا تكتفي بإجراءات تقليدية لم تثبت نجاحها ، كما تتطلب تثقيف عناصر الأجهزة الأمنية بكيفية التعامل المرن مع سكان الأحياء التي يتواجدون فيها وكسب محبتهم وثقتهم ،والابتعاد عن لغة الزجر المنفرة . نعم إن هنالك أوامر لا يستطيع حتى الضابط المعني تجاوزها أحيانا وهذا يفهمه المواطن جيداً ولكن ما لا يستسيغه هو استخدام لغة التعنيف من بعض هذه العناصر مع المواطنين . ومثلما اتخذ البعض الهدوء الذي ساد  بغداد في الأيام التي سبقت القمة وأثنائها ذريعة لاستمرار هذا النهج فعليه أن يستذكر تلك الكلمات الجميلة التي كان يخفف بها رجال السيطرات عن المواطنين عندما يخاطبونه قائلين " آسفين على الإزعاج والتأخير " .. كلمات بسيطة لكن كان لها وقعها المؤثر علينا ، كما على هذه الأجهزة تذكر رسالة رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة واعتذاره إلى البغداديين وتمثّل روحها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram