TOP

جريدة المدى > منوعات وأخيرة > روميو و جوليت من بغداد إلى لندن

روميو و جوليت من بغداد إلى لندن

نشر في: 15 إبريل, 2012: 09:02 م

 ترجمة المدىعرض العمل الحديث المعاد لمسرحية  " روميو و جوليت " على مسارح العاصمة بغداد قبل أن يصل إلى بريطانيا يبين الجودة المتفجرة للمسرحية في كل الأزمان . ليس هناك الكثير من الأسباب التي تجعلك  مبتهجا في بغداد ، إلا أن أحمد صلاح مونيكا هو واحد من هذه الأسباب.
مونيكا هو الرجل الأساسي في النسخة المعادة المحدثة لمسرحية روميو و جوليت، و عندما التقيته أول مرة كان يسير عبر غرفة البروفة في المسرح الوطني و يداه ممدودتان و ترتسم البهجة  على وجهه وابتسامة بريئة ، كان ذلك قبل أن يتقمص الشخصية . في ذلك الأسبوع لم تقع تفجيرات انتحارية أو أعمال مرعبة في بغداد ، كما كانت هناك طاقة غزيرة تفور تحت تراب شوارعها التي نخرتها الحرب، لكنها كانت طاقة حذرة . إن الصفة الغالبة على المدينة هي أنها " متوترة " ، و ذلك لأسباب لا تحتاج إلى الكثير لتفسيرها. مع هذا فإن مونيكا يقول في المقابلة أشياء مثل " عندما دعيت للعب دور روميو شعرت بأني محظوظ ، بأني جميل ، رجل بقلب أبيض "  ، عندما سألته بعد البروفة سؤالا مبتذلا نوعا ما عما يعني له الدور ، رد قائلا " أنا أحب الناس ، إذا ما كنت عاشقا فسأحب من قلبي حتى يمزقني الحب. في الحقيقة أنا أشعر بالتعب لأني أحب دوري كثيرا ". ينحدر أحمد من عائلة تمارس التمثيل. إنهم يقرأون شكسبير جيدا هنا، عندما ينظر المرء إلى ما وراء تاريخ بغداد الحديث ،  يجد أن  تقاليد الماضي الفكرية و الثقافية و التاريخ المسرحي  تلقى احتراما   أكثر من أي بلد آخر . كانت إجاباته تبدو ساذجة و صريحة و غير متوقعة، رغم أني كنت أعلم أني جئت إلى هنا لمقابلة فنانين : لا يهم إن  كانوا حذرين   أو متحيزين ، فمن الصعب التفكير خارج القوالب النمطية القائمة على العدائية و العنف اللذين  نقرن بهما العراق و اللذين يأتي الصحفيون ليروهما هنا . لكن بغداد طبعا ليست كذلك دائما ،  و هي المدينة التي تمتلك أكثر من ألف عام من التاريخ المجيد . هذه هي النقطة  التي بسببها وضعت المسرحية. (روميو و جوليت في بغداد ) هي جزء من تحد وضعته شركة شكسبير الملكية للمجاميع المسرحية في العالم من اجل خلق نسخ معاصرة للنسخة الكلاسيكية بمناسبة اولمبياد لندن . مهرجان شكسبير العالمي سيحضر إلى ( ستراتفود آبون أيفون)  في لندن و غيره من المواقع في بريطانيا خلال الربيع و الصيف ، و بينما تعتبر بعض النتاجات خيالية ، فإن ( روميو و جوليت في بغداد) تشبه هجوما انتحاريا عراقيا . سيكون أداء المسرحية باللغة العربية لكن مع عناوينها الإضافية  بالانكليزية ، و سيحضرها الكثير من الجمهور البريطاني بالإضافة إلى الذين سيشاهدونها في العراق . في الحقيقة أن المسرحية ربما تجعلك عصبي المزاج، فهناك شيء غير واضح و حتى غير محترم في إعادة إظهار  الشجار العائلي بين عائلة مونتاغو و عائلة كابيوليت في القتل الجماعي، على شكل صراع من اجل السلطة ما بين طائفتين. ثم هناك الطريقة التي يخاطب بها المخرج مناضل داود التحدي بكل قوة مع شيء من  البراعة .  لقد غيّر المسرحية و لم يغيرها ، كما  أن تعابير  السنّة و الشيعة لم تذكر إلا أنها مفهومة . بدلا من ذلك ، و مع بقاء أسماء شخصياته فيرونية، فإن  العائلتين ( كابيوليت و مونتاغو هنا اخوان ) تتجادلان حول ملكية مركب ورثتاه عن الأب . بهذا الشكل فإن مسألة من الذي يدير الدفة تصبح استعارة للصراع في العراق ، حكايات القتل التنافسي التي تستخدمها  العصابات من كلتا الطائفتين و التي يعرفها الجمهور المحلي ، تتحول إلى أنين للشقيقين كبيري السن اللذين يعيدان المعارك منذ سنوات الحضانة .  في هذا الجانب هناك شيء يخصنا جميعا ، إلا أن الدرس الذي تقدمه  المسرحية ضروري للعراق بشكل خاص .  داود لا يعتذر عن السيناريو المتفجر " أنا أعرف شعبي ، إنهم لن يحبوا المسرحية إذا لم  تقرصهم ". يقع المشهد الأخير في كنيسة سيدة النجاة في بغداد، التي تدمرت خلال إحدى الهجمات الإرهابية ، حيث تقع الكنيسة على مدى الرؤية من المسرح الوطني ومن شقة داود ، و تشكل نوعا من المثلث الذي يذكّر كيف احتضنت بغداد يوما ما الثقافة و التسامح . لقد درس داود المسرح في بغداد في أعوام السبعينات من القرن الماضي ، إلا أن اختياره غير الموفق كمخرج لأول مسرحية و هو في العشرينات من عمره قد انتهى به إلى المنفى . كانت جدلية معارضة للحرب قدمت على المسرح مباشرة بعد أن قرر صدام حسين غزو  إيران ، و قدمت ثلاثة عروض. هرب داود إلى الجبال و تم تهريبه عبر كردستان إلى إيران و قضى العشرين سنة اللاحقة في طهران و دمشق و سنت بطرسبورغ، وأخيرا ستوكهولم . و كغيره من المنفيين ، فقد انعزل عن العالم و تمكن من  التركيز على خياله الفني. انه مقتنع بأن هناك جمهوراً يشجع إنتاجه في العراق ، و بأنها ليست مجرد نسخة غربية أو نكتة قاتمة . هناك مح

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

بيت المدى يستذكر شهداء انقلاب شباط الأسود

غادة العاملي: نجاح أي مؤسسة ثقافية يتطلب تخطيطاً مدروساً وأهدافاً واضحة

"حلوة الحلوات" بغداد عاصمة السياحة العربية بشكل رسمي

بيت المدى يؤبن المعماري العراقي الكبير هشام المدفعي

رحيل أسامة منزلجي.. رحلة حياة في ترجمة الأدب العالمي

مقالات ذات صلة

مشروع جديد لرنا جعفر ياسين

مشروع جديد لرنا جعفر ياسين"التشافي عبر الكتابة"

 عامر مؤيد اقامت مكتبة اطراس، جلسة للشاعرة والفنانة رنا جعفر ياسين تحدثت فيها عن مشروعها الجديد الذي يتركز على التشافي من خلال الكتابة. رنا جعفر ياسين في حديثها لـ(المدى)، ذكرت ان "الندوة هي...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram