TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن:عدنان الدليمي ونوبة "زهايمر" جديدة

العمود الثامن:عدنان الدليمي ونوبة "زهايمر" جديدة

نشر في: 17 إبريل, 2012: 10:12 م

 علي حسينيتشاطر البعض من سياسيي الصدفة على تصوير الازمة العراقية على أنها خلاف بين طوائف الشعب، وإنها معركة بين معسكر الشيعة من جانب وأعدائهم السنة من جانب آخر، وهي شطارة استطاع مروجوها والمخططون لها من الحصول على المنافع والمناصب والامتيازات، وان تنتج لنا في النهاية برلمانا طائفيا وحكومة محاصصة مقيتة، وكان ظهور أمراء الطوائف بوجوههم الكالحة أول خرق للتنوع الديني والاجتماعي والثقافي الذي امتاز به العراق على مر عصوره.
يعرف الجميع أن القصة ليست صراعا مذهبيا مثلما يحاول منتفعو السلطة تصويرها للعالم، لان رموز الطائفية السياسية دأبوا منذ اللحظات الأولى على استخدام سلاحهم الأثير في إيهام الرأي العام بأنهم يدافعون عن مظلومية طوائفهم، فيما المعركة كانت بالأساس معركة اقتسام الغنائم، وخطف الوطن، وإعلاء المصالح الشخصية على حساب مصالح الناس، وترسيخ قيم المنفعة والاستحواذ والمحسوبية والانتهازية.  من هذا المنطلق يأتي التصريح الأخير لأحد نهّازي الفرص الطائفية، فقد حملت ألينا الأنباء من عمّان أن زعيم جبهة التوافق السابق عدنان الدليمي قد بدأ مشاورات لتشكيل قائمة انتخابية "سنية" جديدة تخوض انتخابات مجالس المحافظات القادمة.وذكرت الأنباء أن الدليمي، لم يخف رغبته بأن تكون صيغة الكتلة الجديدة طائفية صرف أي أن تكون "سنية" بالكامل، مؤكداً أن هذه الصيغة كفيلة بالوقوف ضد ما يراه خطراً شيعياً.ولأن رسائل الدليمي لا تحصد ثمارها في جميع الأوقات بسبب الروح الوطنية التي ينعم بها أهلنا في الأنبار والموصل وصلاح الدين وديالى وبغداد، فان مصير رسالته الأخيرة سيظل كمصير سابقاتها، كنا نعتقد أن الدليمي تاب إلى الله وترك السياسة غير مأسوف عليه، لكننا اكتشفنا أن الرجل لا يستطيع مغادرة لعبته المفضلة وهي لعبة إشعال الحرائق، وإيقاظ الفتن، فالمعروف عن الدليمي انه ظل لسنوات يتعمد أن تظل الأجواء مشتعلة، فلا يهم أن تتراجع مصالح الوطن مادامت مصالحه الخاصة في ازدياد.الدليمي عاد ليذكر العراقيين بمخاطر مرض الزهايمر حين يصيب الساسة فيفقدهم القدرة على رؤية الأشياء بوضوح، وأسأل السيد الدليمي قبل أن تأتيه نوبة زهايمر جديدة، ما الذي قدمته الحكومة للشيعة أصلا حتى نتهمها بأنها تشكل خطرا على السنة، أليس العراقيون جميعا متضررين من فساد النخبة السياسية ومن انعدام الأمان ونقص الخدمات وأزمة السكن والبطالة والمحسوبية والرشوة والانتهازية وعصابات كاتم الصوت وسراق المال العام؟ هل حال ميسان أفضل من حال الأنبار؟ أم أن البصرة مزدهرة وصلاح الدين تعاني؟ أن خفافيش الديمقراطية والدليمي أبرزهم، هم جميعا من افسد وسرق ونهب وقتل على الهوية، لا فرق بين سياسي طائفي سواء أكان شيعيا أم سنيا فالاثنان شركاء في تخريب الوطن وسرقة أحلام الناس.ولا أتصور أن عاقلا واحدا يمكن أن يقر لأصحاب الزهايمر السياسي أن مدن الجنوب أصبحت أفضل حالا من مثيلاتها لان الحكومة الشيعية عاملتها على نحو أفضل دون أن يضرب كفا بكف على هذه القدرة العجيبة على خداع الذات قبل الآخرين.فالرجل الذي يتحدث الآن بلهجة المختلف مع النظام السياسي الطائفي الذي عمل في خدمته لسنوات، هو الشخص ذاته الذي كان يقول في حوارات مع وسائل الإعلام أيام كان رئيسا للوقف السني ان العملية السياسية تصب في مصلحة العراقيين جميعا، وهو نفس الرجل الذي جلس في المقاعد الامامية للبرلمان وهو يرفع يده المرتعشة لتأييد العديد من القرارات التي كانت تصب في صالح النخب السياسية لا في صالح الشعب، لكنه الآن يبشرنا بأنه يهيئ لقائمة جديدة تحاول تعديل ميزان العملية السياسية الذي كان الدليمي ومن لف لفه سببا رئيسيا في عدم توازنه.ولا أظن أن أصحاب الضمير في العراق سنة وشيعة يمكن أن تنطلي عليهم لعبة الرجل القادم من كهوف الماضي وفي يده فزاعة الحرب الطائفية، فقد مضى العهد الذي يستبدل به العراقيون ديكتاتورية "القائد الضرورة" بأخرى يقودها سياسيون أصيبوا بزهايمر الطائفية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram