عدنان حسينقبل أربعة أشهر تابعنا استجواباً، حاز على اهتمام واسع، لأمين بغداد أمام مجلس النواب لم تثبت فيه بالدليل القاطع تُهم الفساد المالي والإداري التي وُجهت إلى السيد صابر العيساوي، ولهذا لم يستطع صاحب الاستجواب النائب شيروان الوائلي أن يُقنع البرلمان بحجب الثقة عن العيساوي، وهو الهدف الذي سعى إلى تحقيقه صاحب الاستجواب.
أبرز علامة لعدم نجاح الاستجواب إن البرلمان بكل السلطة الكبيرة والقوية التي يتوافر عليها لم يُفلح في إقامة الدليل على فساد العيساوي ولم يحجب الثقة عنه بعد انتهاء الاستجواب والمدة المقررة في النظام الداخلي (سبعة أيام). من المقرر أن يصوت مجلس النواب في جلسته اليوم على ما إذا يتعين إعفاء أمين بغداد من منصبه أو إبقاؤه فيه، بحسب ما أعلن أحد النواب.لماذا تُطرح قضية بقاء أو عدم بقاء العيساوي في منصب أمين بغداد بعد كل هذا الوقت؟ العضو في لجنة الخدمات البرلمانية إحسان العوادي (محافظة بابل) قال أمس إن لجنته "مقتنعة بضرورة تغيير أمين بغداد، واختيار بديل كفوء يمتلك قدرةً على إعادة بريق العاصمة بغداد إلى عهده، حتى وإن كان مستقلاً ولم ينتمِ إلى تكتل سياسي"، وأضاف أن العيساوي "لم ينجح في مكافحة الفساد ومحاربة المحسوبية ولم يقم بتنفيذ مشاريع مهمة للعاصمة بغداد" (آكانيوز). هذا سبب آخر لعزم لجنة الخدمات على طلب تصويت البرلمان على إقالة العيساوي، وهو يختلف عن الأسباب التي استند إليها النائب الوائلي في استجوابه.إذا كان عدم امتلاك القدرة على إعادة بريق العاصمة إلى سابق عهده سبباً كافياً لإقالة العيساوي من منصبه فان كل رؤساء البلديات في المدن العراقية الأخرى (عدا مدن إقليم كردستان) لم ينجحوا في استعادة بريق مدنهم، ونصف الوزراء في الأقل فشلوا فشلا ذريعاً في استعادة البريق الغابر لوزاراتهم، وكذا حال الكثير من رؤساء المؤسسات والدوائر الحكومية. بل أن رئيس الحكومة نفسه لم ينجح هو الآخر لا في إعادة البريق إلى الدولة العراقية ولا في تحقيق وعوده الانتخابية والحكومية وآخرها وعوده غداة انطلاق التظاهرات الشعبية في 25 شباط 2011 بتلبية مطالب المتظاهرين التي أقرّ علناً بأنها مشروعة ومُحقة.أما عدم النجاح في مكافحة الفساد ومحاربة المحسوبية وفي تنفيذ مشاريع مهمة، بحسب ما جاء في كلام النائب العوادي في حق العيساوي، فان هذا يسري على كبار مسؤولي الدولة قاطبة تقريباً، من رئيس الوزراء الى الوزراء وسواهم. الفساد يعصف بأرجاء دولتنا طولاً وعرضاً كما التسونامي في عرض البحار، لكن حتى الآن لم تُطح أي رأس كبيرة فاسدة، مع ان أكبر الفساد هو لدى أكبر الرؤوس في هذه الدولة. وليدلني أحد على مشروع مهم تنبهر به الأبصار أو تُفغر له الأفواه أنجزته وزارة الزراعة أو وزارة الصناعة أو وزارة الصحة أو وزارة الإسكان أو وزارة العمل والشؤون الاجتماعية أو وزارة التربية أو وزارة التعليم العالي وسواها خلال السنوات الست الماضية. إذا كان أمين بغداد فشل في مهمته، فان كل مسؤولي دولتنا فاشلون مثله وأكثر منه، وأولهم كبار المسؤولين، والدليل إن لدينا دولة فاشلة بامتياز بالرغم من مواردها المالية الهائلة. ويقف على رأس هذا الفشل مجلس النواب المتواكل والمتهاون إلى أبعد الحدود في أداء واجباته التشريعية والرقابية.إذا حدث وأقال البرلمان اليوم أمين بغداد من منصبه، فان السؤال الملح المطروح على هذه المؤسسة: وماذا عن الآخرين؟ هل تطيحون بهم أم تسكتون عنهم لاعتبارات طائفية وحزبية وعشائرية ومناطقية وشخصية؟
شناشيل: وماذا بعد العيساوي؟
نشر في: 18 إبريل, 2012: 09:28 م